كما أنه لكل أمة أن تذكر أمجادها وتفخر بماضيها ، كان لزاما أن نذكر نحن أمجاد أمتنا ، كيف على شئنها ، وعزَّ سلطانها ، وسما ذكرها وهي تمسك بإحدى يديها القرآن والسنة ، وفي الأخرى سلاح الحق وقاصم أعناق الجبابرة والمرتدين..
عِـــــــــزة وأي عــــــزة ، مجــــــــدٌ وأي مجـــــــــــــد...
ولكن هذا لايجعلنا أن ننسى ما مرت به الأمة الإسلامية من فجــــائع ونكباتٍ وهزائم وخسائر ،لابد أن نتذكرها أيضاً ، ونحاكي أسماع أجيالنا بماضينا العاتر ، فهو الأهم إذ كيف نعرف طريق الحق إذا لم نعرف أخطائهم وتقصيرهم فنتقيها ونجتنبها..!؟ كيف وفي تجنب أسباب الخسائر والهزائم سِر النصر والتمكين (أولما أصابتكم مصيبة قلتم أنا هذا ٌل هو من عند أنفسم إن الله على كل شيء قدير)) آل عمران
إخوتي الكرام..هيَّا بنا نقلب صفحات الماضي التليد لنأخذ صورة مشرقة من العهد المجيد ، وحيث لم يدُبَّ الوهن في القلوب..
تروي لنا كتب السير عن تأريخنا الأسلامي ملحمة من الملاحم العِظام ، وهي أن الروم من النصارى عُبَّاد الصليب جمعوا جيشا ضخما يزيد على ستمائة ألف مقاتل ، قد جلبوا له السلاح من كل مكان.. ولفرط فرحهم وغرورهم أشاروا على ملكهم الأحمق أن يَخرُجَ بنفسه على رأس هذا الجيش العرمرم.
فخرجوا من ديارهم بطرا وغطرسة وظلماً.. يقصدون مَنْ ياترى..؟؟ إنهم يقصدون بلاد المسلمين ، يقصدون العُزَّلَ الآمنين من المسلمين ، وهو نهجهم القبيح على مَرِّ السنين ، وكان على المسلمين يومئذ الملك الصالح (أَلب أرسلان) والذي إختار لمقابلتهم عشرون ألفاً من خيرة المسلمين وشجعانهم ، ولم يثبت معه منهم إلا إثنى عشر ألف مقاتل ، واختارالقائد ألب أرسلان أن يكون هجومهم بعد الزوال من يوم الجمعة طمعا بأن يصيبهم ((دعــــــاء)) المسلمين وقت صلاة الجمعة ولما زالت الشمس قال القائد: ليكتب كل واحد منكم وصيته ، وليودع أخاه ، واستعدوا ؛ فإن أنا حملت فاحملوا ، ولايضرب أحدكم بسيفه إلا إذا ضربت.
واستعدَّ المسلمون .. إثنى عشر ألف مقاتل يقابلون ستمائة ألف مقاتل مدجَّجِين بالحديد ، وأعينهم تقدح الأحقاد والحنقَ ، واصطف النصارى ، عشرون صفا ، كل صف لايُرى طرفاه ، فلما حانت ساعة الحسم ؛ كبَّرَ ألب أرسلان وكبَّرَ معه المسلمون ، فشدّوا على عدوهم شدة رجل واحد وحملوا عليهم حملةً عظيمة ، وانطلقوا كالسيل الجرار المنحط من عليِّ ، حتى خرقو صفوفهم ووصلوا إلى سُرادق الملك في آخر الصفوف وأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم ، وكان يظن هذا الملك أن لن يخلص إليه أحد مع كل هذه الجموع التي إحتشدت من حوله ، فدُهشَ وأصابه الذهول ، فأخذه المسلمون أسيرا ، وأخذوا واحدا من جنوده فقتلوه وقطعوا رأسه وحملوه فوق الرماح وصاحوا بجيشه وقالوا قُتِلَ الملك ، فانخلعت أفئدة النصارى ، وطار صوابهم ، فانطلقوا هاربين لايلوون على شيء ، وأخذ المسلمون يتعقبونهم ويعملون فيهم السيف أياما ، فلم ينجوا منهم أحد إلا من هرب أو أُسر ، وجلس الملك ألب أرسلان على كرسي ملك الروم ولبس ملابسه وأكل من طعامه ، والمسلمون ينظرون ويضحكون ، تملأ قلوبهم السعادة ، وتنتشي نفوسهم بالفرح ، ثم أمر ألب أرسلان بذلك الملك الظالم الطاغية المتغطرس ، الذي كان يريد أن يَعيثَ بالمسلمين هو وجنوده ، فجيء به وقد شُدَّ عنقه بحبل يُجر به فقال له ألب أرسلان : ما كنت ستفعل بي لو قدَرت عليِّ ؟
قال ملك الروم : أوَا كنت تشك أني لن أقتلك ..!! فقال ألب أرسلان : أنت عندي أقل في عيني من أن أقتلك ..!! إذهبوا به فبيعوه فذهبوا به ينادون عليه بين الجيش ، فما سامه أحد !! حتى إنتهوا بآخر الجيش ؛ فإذا برجل يقف ومعه كلب مهزول فقال لهم : إن بعتموني إياه بهذا الكلب إشتريته منكم ؛ فأخذوا صاحب الكلب وكلبه إلى ألب أرسلان ، فأخبروه بالخبر فقال لهم :
الكلب خيرٌ منه
فإنه ينفع ، وهذا لاينفع ، أعطوه إياه وخذوا الكلب بدلا عنه...!!
الله أكبر يارجال .. ملك الروم وعظيمها وكبيرها لايساوي كلبا عند صنَّاع الموت من المسلمين الأولين السابقين ، فأي أمجاد صطرها أسلافنا وأبطالنا
أبطالنا الغرُّ لم يثنوا خُيُولهمُ
فكم عقدنا لواءاً في الدُّنا خَفَقَ
وكم ضربنا فما كلت سواعدنا
ولا رأت خيلنا ذلاً ولا رهقَ
فكيف ماسرت في كل البقاع
تَرَىَ سيفاً ثنى أوفجرا لنا انبثقَ
وكيف أرض بذل بعد عزتنا
وكيف يُغمد سيف بات ممتَشَقَ
وكيف تعلوا جباه الكفر شامخة
وأستريح أُناغ الورد والعبقَ
وكيف أرجوا من الكفر نصرتنا
وعينهم تقدح الأحقاد والحنقَهذه بعض مآثرنا جئت بها مختصرة ولمن أراد الإستزاده فعليه بشريط رائع بعنوان / صُنَّاع الموت للشيخ إبراهيم الحارثي
************************
ودمتم على خير