القبر أول منازل الآخرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تفرد بالدوام والبقاء ، وكتب على أهل هذه الدنيا الفناء
وجعلها دار امتحان وابتلاء ، وجعل القبور بعدها لأهل الإيمان خير فناء
و أصلي وأسلم على النبي المختار محمد بن عبد الله عليه
أفضل الصلاة والتسليم .. أما بعد :
أولا أشكر الله سبحانه وتعالى على أن سخر لي هذا المنتدى المبارك
الذي نتناصح فيه فيما بيننا و يذكر بعضنا البعض كما أساله سبحانه
أن يوفق القائمين عليه من مشرفين وأعضاء وغيرهم لما فيه من صلاح
وخير للأمة ، فكما أن المجاهد على ثغر من ثغور المسلمين
و المربي على ثغر ، والعالم على ثغر ، فأنتم أيضا على ثغر لأنكم سخرتم
وقتكم للتذكير بالله والنصح لهذا الدين العظيم .
ثانيا : لعلكم تتسائلون لما هذا الموضوع بالذات وقد يقول أحدكم
أن الموضوع قد سبق طرحه ومعروف لدينا !!!
فأقول : إن المتأمل في أحوال الناس اليوم يرى شيء عجاب !
يرى الناس وهم يركضون وراء الدنيا وملهياتها ، يركضون وراء المال
والجاه ، يركضون وراء المناصب والمفاخر ، يركضون و يركضون
ويركضون ......
وقد نسوا أن هناك بعث ونشور ، نسوا أن هناك جنة ونار ،
نسوا أن هناك حساب وعقاب ، نسوا الشيء الكثير من أهوال
القيامة بسبب إقبالهم على الدنيا .
فالحديث عن الموت و القبر والميزان والصراط وغيرها ...
تحيا بها القلوب وتزكى بها النفوس
وتبعد عنا الفتور وتجعلنا متعلقين بالله عزوجل ، فهي كالماء للزرع ،
وكالدواء للمريض ، وكالهواء للأنسان .. فلهذا أحبتي سطرت قلمي
لهذا الموضوع لكي تحيا قوبنا وتسمى نفوسنا بعد أن لطختنا الدنيا
بملذاتها وشهواتها.
أحبتي في الله ، من كان الموت طالبه ، كيف يلذ له قرار ؟
ومن كان القبر منزله ، كيف يتخذ الدنيا أفضل دار ؟! لقد ألهتنا
الأموال والدور ، وشغلتنا الأولاد والقصور ، عن التفكير في
المصير إلى القبور ، ولما ضعف الإحساس وكثرة الإمساس ،
أ ُنسينا الدفن و الإرماس ، فإلى الله نشكو قسوة القلوب ،
مع كثرة الزلل والذنوب !!
أيها ألاحبة ، هل سألنا أنفسنا هل تدوم الحياة على هذه الحال ؟
هل سألنا أنفسنا عن هذه الجنائز وعشرات الاموات الذين
نصلي عليهم ، أين هم ذاهبون ؟ وعلى ماذا سيقدمون ؟ ! !
ماهي أحوالهم ؟ وماذا يفعل بهم ؟ وما هو مصيرهم ؟
لقد ضمت القبور الأوائل والأواخر ، ودخلها الأصاغر و الأكابر ،
ضمت الأغنياء والفقراء ، الانبياء والعلماء .. ولو كانت الحياة تدوم
لكان نبينا أولى بالبقاء.
يقول الله تعالى ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك
ذو الجلال والاكرام )
كان أبو الدرداء يقعد إلى القبور ، فقيل له لما ذلك ؟ فقال ( أجلس
إلى قوم يذكرونني معادي ، وإن غبت لم يغتابوني )
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة )
أعتذر أحبتي عن الاطالة ولكن هي كلمات خرجت من
قلب مشفق ومحب لكم ، و أختم حديثي هذا بقول المصطفى :
( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، اللهم إني أسالك أن تعصمني
من فتنة القبر ، اللهم أعني على الموت وسكرته والقبر وظلمته
والصراط وزرلته ، ياحي قيوم ).