الولاء والبراء من أصول عقيدتنا
27/05/2009 06:04:58 ص
قرأت في جريدة «الرياض» العدد 14927 وتاريخ 12/5/1430ه مقالاً بعنوان: (كن فأر تجارب) للكاتب ممدوح المهيني شبه فيه الطفل المسلم الذي يدرس عقيدة الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين كما ورد في الكتاب والسنة شبهه بالفأر الذي تجرى عليه التجارب الطبية، وهذا استهانة بهذه العقيدة القرآنية واستهانة بأطفال المسلمين واستهانة بعلماء المسلمين الذين يدرسون هذه العقيدة ويرسخونها في قلوب أبناء المسلمين.
وقال الكاتب: لكي تحمي طفلك من أن يكون فأراً سيئاً مثلك إذا كبر يجب أن نتعلم كيف يُبدأ بتحميل روح الصغير عبء كراهية العالم من حولنا. ومن المثير أن هذه الكراهية لا تنبع على مستوى دنيوي فقط بل هي آتية كما يتم إقناعك من السماء وهذا غير صحيح بالطبع - كذا قال الكاتب:
وأقول له ان عقيدة الولاء والبراء جاءت من السماء من عند الله وأطفال المسلمين لا يحملون كراهية العالم عموماً وإنما يحملون كراهية أعداء الله وأعداء المسلمين من الكفار - كما قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) وقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين(51)) وقال تعالى: ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم)
ثم قال الكاتب إنك إذا علمت طفلك هذه العقيدة غرست في روحه أول بذرة السوء انظر كيف وصف الكاتب غرس عقيدة الولاء والبراء الواردة في الكتاب والسنة بأنها بذرة سوء.
ثم قال: لقد كانت المدرسة منذ البداية وحتى النهاية سبباً في صنع مثل هذه الروح السيئة - ويعني الكاتب بالروح السيئة روح الولاء والبراء -
ثم قال: وبخلاف كل الهراء الذي نسمعه الآن أن المدرسة تعلم الأخلاق الحسنة فهذا غير صحيح فالكاتب يعتبر تعلم عقيدة الولاء والبراء في الإسلام تعليماً للأخلاق السيئة وليس تعليما للأخلاق الحسنة وهو ينطبق عليه قول الشاعر:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
ثم قال الكاتب: بالإضافة إلى دور المدرسين الأفاضل يشحن الأطفال الصغار بكراهية العالم وشطر عقولهم وأرواحهم هي أيضاً سبب رئيسي بتحويلهم إلى فئران خائفة لا تعرف الاعتراض والنقد والسؤال والحوار خشية أن تتعرض للتعثر. وأقول انظر أيها القارئ الكريم كيف شبه الكاتب الطلاب الذين يتلقون عقيدتهم من القرآن والسنة وفيها الولاء والبراء شبههم بالفئران المفسدة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم انها من الفواسق التي تقتل في الحل والحرم -
ثم طالب الكاتب في آخر مقاله بأن يعلم الطفل بدل أن يعلم الولاء والبراء يعلم قيم التسامح والحب للجميع - يعني حب المؤمنين والكفار من غير فرق وستشرق روحه فالكاتب يعتبر تعليم الولاء والبراء الذي يفرق به بين المؤمن والكافر وبين ولي الله وعدو الله يعتبر ذلك ظلمة في عقلية الطفل - وأقول سبحان مقلب القلوب القائل في كتابه الكريم: (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً) هذا وليعلم الكاتب وغيره أن التسامح مع الكفار والمشركين ليس معناه ترك عقيدتنا أو ترك شيء من ديننا إرضاء للكفار. وإنما معناه كف الأذى والعدوان وبذل النصح لبني الإنسان والوفاء بالعهود واحترام دم المعاهد والمستأمن من الكفار والتعامل معهم بما أباح الله من البيع والشراء والمعاملات التجارية والطلاب في المدارس يدرسون هذه المسائل وغيرها ولا يقتصر تدريسهم على مسألة الولاء والبراء كما يتصور الكاتب أو يتجاهل بل يربى الطلاب على الأخلاق الحميدة والسلوك الحسن وإنزال الناس منازلهم حتى يتسلحوا بالعلم النافع والعمل الصالح ليكونوا خير أمة خرجت للناس كما أمرهم الله بذلك يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله ليكونوا صالحين مصلحين لا فئراناً مفسدين، فالفأر المفسد في الحقيقة هو الذي يموع العقيدة ويدعو إلى ضدها. وفقنا الله جميعاً لما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء