الخَرْقَاءْ وخطورة نقض العمل المحكم !!
[IMG]http://www.nazme.net/p***os/2695570298_f4143bb417.jpg[/IMG]
أ.د. نظمي خليل أبو العطا موسى
يقص الله سبحانه وتعالى علينا قصة المرأة التي نقضت غزلها من بعد إحكامه ، حيث نراها جالسة وقد أعدت خامات غزلها وبدأت بجد واجتهاد تغزل خيوطها بإحكام ، ظلت تجتهد طوال الوقت , وأنتجت غزلاً قويًا لا عيب فيه ، وفجأة تتوقف المرأة ، تنظر إلى غزلها ، ثم تنهال عليه نقضًا بعصبية زائدة وأعادت الخيوط سيرتها الأولى ، ثم بدأت تنظر إلى الخامات من جديد ، وبدأت تغزل ، الإنتاج جيد ، وفجأة تقف وتنظر إلى غزلها ثم تنهال عليه نقضًا ، وهكذا صورة مَرَضية مكرورة عجيبة مضحكة مبكية , من يرد أن يكون في هذه الصورة المزرية ؟! لا عامل يرغب في إتقان عمله ثم ينقضه كالمرأة التي تغزل غزلاً وتحكمه ثم تنقضه كما قال الله تعالى :"وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً " النحل (92).
قوة : أي إبرام وإحكام . (كلمات القرآن تفسير وبيان , حسنين محمد مخلوف )
أنكاثا : أنقاضاً محلولة الفتل .(المرجع السابق )
يقول صاحب التفسير المنير حفظه الله في تفسير الآية فقال : ولا تكونوا في نقض العهود والمواثيق (والأعمال) كالتي نقضت غزلها بعد إبرامه قال : قال عبدالله بن كثير والسدي : هذه امرأة خرقاء كانت بمكة ، كلما غزلت شيئًا نقضته بعد إبرامه وقال : أو هو مثل لمن نقض عهده ( أو عمله ) بعد توكيده كما قال مجاهد وغيره ، فمن نقض العهد ( والعمل ) كان كمن نقض الغزل بعد فتله وإبرامه ، فهو ليس من فعل العقلاء ، إنما في زمرة الحمقى .
الدروس المستفادة من الموقف :
يستفاد من الموقف السابق :
1- التخطيط المقدم والمحكم للأعمال ودراستها قبل تنفيذها من جميع جوانبها أمر واجب شرعًا ، حتى لا نعود بعد ذلك ونهدم ما شيدناه وبذلنا فيه الوقت والجهد والعمر والمال ، وهذا ما نراه في بعض مشاريعنا من شوارع ترصف ثم تحفر ، ومن مشاريع تؤسس ثم تغلق ، ومن زيجات تتم ثم تفض.
2- إحكام الأعمال الصالحة واجب ، فعلى المسلم أن يتقن عمله ويحكمه حتى لا يضطر إلى نقضه .
3- نقض الأعمال المحكمة من الحماقة وهذا ما نراه في حياتنا كلما جاء مسئول هدم فعل السابق وبدأ من حيث بدأ ، ولا يقيم عمله ويبني على الصالح المفيد.
4- ذم الله سبحانه وتعالى تضييع الأعمال والأوقات والأموال والأعمار ومدح المحافظة عليها.
5- في الأمثال تقريب للمجرد بالمحسوس ، وهذا يُحدث تَعَلَّمًا حقيقيًا إيجابيًا وهذا هو المقصد من المواقف التعْلِيمِيَّةَ التَعَلُّمِيَّةَ في الحياة .
---------------------------
المصدر : كتاب مواقف تربوية من القرآن الكريم والسنة النبوية , نظمي خليل أبو العطا موسى .(حقوق الطبع محفوظة للمؤلف)
رقم الناشر الدولي (في مملكة البحرين ) ISBN 978-99901-624-6-2
رقم الإيداع بإدارة المكتبات العامة (في مملكة البحرين) د.ع.2007/6784م