السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
لا أعلم عن هذه الحركة الكثير ... فلست معها أو ضدها ... أترككم مع الخبر ...
http://www.alarabiya.net/Articles/2006/05/03/23408.htm
دبي- العربية.نت
من سوريا والدول العربية تواصل انتشار تنظيم "القبيسيات" الإسلامي النسائي حتى وصلت حلقاته إلى المنازل في باريس وفيينا، وصولاً إلى الولايات المتحدة الامريكية، وأشارت التقديرات إلى أن عدد عضواته بلغ ما يزيد عن 75 ألفا يدرن العديد من المنشآت الدعوية والإسلامية، ولكن هذا كله لم يقض على الغموض والتضارب في المواقف حول هذه الجماعة التي تمثل أتباع "الآنسة" منيرة القبيسي.
وكلما اتسعت الرقعة التي تنمو فيها "القبيسيات" في الشوارع والمدارس والبيوت السورية والعربية والأجنبية، زادت إثارة وتشويقاً الحكايا والأساطير حول هذه الحركة، ليبلغ بشأن "الاخوات"، وهن داعيات إسلاميات أثرن نقاشاً وانقساماً في الأوساط الاسلامية في سورية، أخيراً شبكة الإنترنت بين من يتهمهن بتشكيل "تنظيم سري خطير" وبين من يشيد بدورهن، في "فعل ما عجز عنه الرجال".
وفيما يرى البعض أن "القبيسيات" هن حركة دينية وسطية تلتزم بمنهاج أهل السنة ولا تتبنى منهجا فقهيا معينا، يتحدث آخرون ولا سيما من طائفة الأحباش اللبنانية الإسلامية عن الحركة باعتبارها امتدادا لحركات صوفية منحرفة العقيدة، وساهم من زيادة التضارب في المواقف حول هذه الحركة ذلك الغموض الذي أحاط بشخصية بل بصورة زعيمتها ومؤسستها وقلة الإنتاج الفكري المنسوب إليها.
ورغم الحذر الشديد الذي يبديه رجال الدين والخبراء في الحديث عن "الأخوات القبيسيات"، حاول الصحفي ابراهيم حميدي، في تحقيق نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية، الاقتراب من هذه الحركة وعضواتها والمؤسسات التابعة لهن والشكل التنظيمي، ان وجد، الذي يربط بينهن.
ابتسامة الموناليزا
وحسبما يقول التحقيق الذي نشرته "الحياة" فقد كان الحصول على وصف هيئة "الآنسة" هو أقصى ما تسنى لمراسل "الحياة" الحصول عليه، من قبل شيوخ شاهدوها قبل سنوات و"داعيات" شاهدنها قريباً.
فشبّه اثنان من رجال الدين ابتسامتها بوجه موناليزا، وقال الداعية صلاح الدين كفتارو -ابن مفتي سوريا الراحل أحمد كفتارو- إنها سمراء وطويلة القامة. ونادراً ما يرى أحد وجهها من دون منديل أسود يغطيه. وهي تسكن في منطقة تقع بين شارعي "الشعلان" و"الروضة"، مع عدد من "الآنسات" والداعيات المقربات منها. وقيل انها تعاني من أمراض. وتختلف تسميتها بين "الشيخة الكبرى" أو "الآنسة الكبرى" أو "الآنسة الأم"، غير أن أكثر التسميات شيوعاً هو "الآنسة".
وفي الصف الأول في "القبيسيات"، هناك بضع "آنسات" غير متزوجات كما هي حال منيرة وهي إحدى أشهر داعياتها، واذا كانت بين داعيات الصف الأول، أميرة جبريل شقيقة الأمين العام لـ "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" أحمد جبريل الذي عرف بأفكاره اليسارية قبل عقود، فان باقي الداعيات هن من أبناء الشريحة الغنية في دمشق وبينهن: الآنسات خير جحا ومنى قويدر ودلال الشيشكلي (توفيت قبل فترة)، ونهيدة طرقجي وفائزة طباع وفاطمة غباز ونبيلة الكزبري ورجاء تسابحجي والدكتورة سميرة الزايد التي اشتهرت كثيرا بعلمها خصوصاً انها الفت "الجامع في السيرة النبوية" في عشرة اجزاء، و"مختصر الجامع" في جزئين في منتصف التسعينات. وهناك أيضاً سعاد ميبر التي تدرس في "معهد الفتح" وصاحبة كتاب "عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة".
ورغم تأكد وجود الكثير من العازبات بين "الداعيات"، فإن احداً لم يقدم تفسيراً لهذا. وفيما يعزو بعض منتقدي "الجماعة" السبب إلى "انهن لا يردن الانشغال بالزوج عن الآنسة" والى انهن يفضلن الحياة الأخرى على الحياة الدنيا، استغرب كفتارو ذلك لأنه "لا رهبنة في الإسلام".
غير أن آخرين قللوا من أهمية ذلك، إذ أشاروا إلى العكس، لان "القبيسيات" ناشطات في ترتيب الزيجات، وربما كان هذا من أسباب سرعة انتشار الحركة وزيادة نفوذها، اي عبر زواج الداعيات من رجال الأعمال والمتنفذين والمغتربين. وساهمت الزيجات من مغتربين شباب ورجال أعمال مغتربين في إقامة حلقات قبيسية في فرنسا والنمسا وأميركا.
الجمع بين الدعوة والاستثمار
جمعت منيرة بين الرغبة في الاستثمار ونشر الدعوة الإسلامية، اذ شجعت النساء وأخواتهن على الاستثمار في المدارس الابتدائية. وبحسب المعلومات، هناك عدد كبير من المدارس الابتدائية التابعة لـ "القبيسيات" وغالباً ما تسمى المدرسة بـ "الدار" وبينها "دار الفرح" التي تديرها منى قويدر في المهاجرين و"دار النعيم" و"مدرسة عمر بن الخطاب" في المزة و"عمر عبد العزيز" في الهامة و"دوحة المجد" في المالكي و"البشائر" في المزة و"البوادر" في كفر سوسة.
وتقول مديرة "البوادر" ان مدرستها مثل باقي المدارس الخاصة تتبع منهج وزارة التربية السورية في تعليم المواد المدرجة، لكن الإضافي يكمن في "تخصيص دروس إضافية لتعليم الدين وإقامة نشاطات اجتماعية خارج الدوام الرسمي، إضافة إلى تنظيم مسابقات دينية". لكن أهم عنصر يكمن في كون معظم المدرسات من المحجبات.
وتبدو قصة هذه المدرسة نموذجية لجهة فهم كيفية انتشار مدارس "القبيسيات". اذ ان "البوادر" تأسست العام 1977، وكانت مدرسة عادية. لكن آل الملاح، كانت لديهم مدرسة صغيرة في حي المزة وتحقق نجاحاً بعد آخر بسبب اهتمامها بأصول الدين وجهدها لحماية التقاليد. وتقول المديرة: "في العام 1999، اشترى اخوتي هذه المدرسة ووسعنا الصفوف لأن الإقبال بات عليها كثيراً".
وتروي إحدى فتيات منطقة "القنوات" في دمشق القديمة ان معظم آنساتها كن جميلات وكن من "القبيسيات"، وان مدرسة منهاج الرياضيات حاولت إقناعها بضرورة وضع الحجاب، وتقول: "كانت الآنسة ترتدي المعطف الكحلي الغامق والحجاب الأزرق الغامق. وكانت ترتدي تحت المعطف تنورة زرقاء مع قميص ابيض وجوربين سميكين وحذاء اسود من دون أي كعب".
حلقات "سرية" ودروس علنية
يتأرجح نشاط "القبيسيات" المنزلي بحسب الظروف المحيطة أمنياً وسياسياً ودينياً في البلاد والمنطقة. وسجلت العقود الثلاثة الأخيرة انتقالهن بين النشاط العلني والدروس في المساجد والمدارس وبين اقتصار نشاطهن على البيوت.
ويرى النائب السوري الإسلامي محمد حبش ان ابرز ما يميزهن هو "تجنب الدخول في السياسة سواء تأييد النظام أو رفضه. والجماعة لم تتورط في أي عمل ضد البلد". هذا في المرحلة التي شهدت صراعاً مسلحاً وعنيفاً بين تنظيم "الإخوان المسلمين" والسلطات في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات.
وفيما يعتقد خبراء مستقلون ان "القبيسيات" يشكلن الظل النسائي للإسلام السياسي، يقول حبش ان "لا مشروع سياسياً لديهن. لجأن إلى العمل السري بسبب ظروف سورية في الثمانينات"، أي أنهن لسن تنظيماً بل خلايا تنمو في شكل حلزوني وتصاعدي.
وقيل ان مرتبة "القبيسية" تعرف من لون منديلها، فكلما اقترب اللون إلى الاسود اقتربت الداعية من الآنسة منيرة. لكن الأمر الأكيد، ان اللباس الموحد المعتمد، هو المعطف الكحلي مع غطاء رأس بلون كحلي ترتدي تحته القبيسية "قمطة" لشد الشعر تحت الغطاء. وبعض القبيسيات يرتدين منديلاً اسود لغطاء الوجه، مع جوربين نسائيين سميكين وحذاء اسود من دون كعب. وتؤكد الداعيات على عدم تشذيب الحاجب و "عدم التبرج" عبر وضع المساحيق على الوجه.
ويوضح الداعية محمد سعيد رمضان البوطي: "انهن يرتدين الحجاب الكحلي لتمييزهن عن غيرهن. وغطاء الوجه ليس اجبارياً. ليس هناك إجبار على ذلك إلى ان يصير ثبات ديني عند الفتاة، بعدها ممكن ان تلبس المنديل اذا شاءت".
الكحلي للوسطية
ولم يكن صدفة اختيار "الآنسة" منيرة اللون الكحلي، ذلك ان هناك اعتقادا شائعاً ان سبب اختيار اللون هو للدلالة على "الوسطية بين الأبيض والأسود، بين التطرف والإعتدال". وقال البوطي: "لديهن مقاربات علمية وفكرية ومعظمهن من خريجات الجامعات وعلوم الطب والهندسة، وهن منفتحات وابعد ما يكن عن التطرف".
الواضح ان الفترة الأخيرة شهدت تشجيعاً من قبل السلطات لـ "القبيسيات" على عدم إعطاء دروس في المنازل مقابل إعطاء تراخيص لدروس علنية بدلاً من "الحلقات السرية".
وكانت السلطات سمحت في الفترة الأخيرة لـ "القبيسيات" باعطاء دروس في مساجد "المحمدي" و "بدر" و "سعد" في المالكي، اذ أوضح البوطي ان عدداً من الشيوخ ابلغ السلطات انه "من مصلحتكم ان تعطوا الموافقات للعمل بالعلن. أعطوهن المواثيق للعمل العلني لأن عملهن مستقيم ووطني ليس فيه أي شائبة ولا علاقة له بالسياسة".
من هي "الآنسة الأم"؟
ولدت منيرة القبيسي عام 1933 في دمشق، لأسرة تضم عشرة أطفال: ستة شباب يعملون في التجارة أو المهن ذات الكفاءات العلمية العالية، وأربع فتيات ربات بيوت.
درست في مدارس العاصمة السورية إلى ان نالت إجازة في العلوم الطبيعية، استندت اليها في التدريس في مدراس حي "المهاجرين" وبقية إحياء دمشق.
وفي بداية الستينات، زاوجت بين النشاطين الدعوي والتعليمي، وذلك في ضوء اقترابها من "جامع ابي النور" التابع لمفتي سورية الراحل احمد كفتارو. وقال نجله حسن كفتارو: "نتيجة النشاط الدعوي منعت من التدريس في المدارس".
ساهم هذا المنع من جانب الحكومة اليسارية حينها، في أمرين: الأول، إقامة منيرة في جامع أبي النور والإقبال على التعلم على يد كفتارو، والثاني اتجاهها إلى دراسة علوم الدين في كلية الشريعة في جامعة دمشق.
وخلال العقدين الماضيين ترواح نشاط منيرة القبيسي بين العلني والسري، لكنها استطاعت من خلال المزج بين الأمرين من توسيع نشاطاتها في المحافظات السورية قبل ان تعبر حدود البلاد في مرحلة أولى والعالم العربي في مرحلة ثانية، الى ان بلغ عدد "اتباعها" اكثر من 75 ألف فتاة، كحد أدنى، وفق ما أجمعت عليه تقديرات متابعين وشيوخ.
ولم تبتعد منيرة القبيسي كثيراً عن "معهد الفتح الاسلامي" التابع لجامع الازهر ومديره مفتي دمشق الشيخ عبدالفتاح البزم وأحد اقطابه الشيخ حسن فرفور، إضافة الى علاقتها مع جماعة الشيخ بدر الدين الحسني والمسؤول عنه الشيخ أبو الخير شكري. ويقول حبش: "كل طرف من الجماعات الدينية في البلاد يقول انها تابعة له أو قريبة منه". وربما أحد أسباب نجاح أسلوبها، هو كون معظم، ان لم يكن جميع، زوجات الشيوخ الكبار أو بناتهم هن من الداعيات "القبيسيات".