ســجون الدنيــا هــي ...
أولا: سجن السلطة: وهو الذي يتألف من الجدران المغلقة التي يحبس فيها من يحكم عليه قضاء السلطة الحاكمة بالسجن وفقاً لقانونها الذي تعمل به.
وهو عبارة عن الاحساسات المزعجة التي تنتاب ذوي الشعور فترات قد تطول وقد تقصر, وتكون درجة ازعاجها حسب قوة تفاعل صاحبها معها, وتتحول في احيان كثيرة الى سجون مع الاعمال الشاقة قد تؤدي باصحابها الى الانتحار, ومن ابرز هذه الاحاسيس :الحسد, الغيرة ,الكآبة ,الغرور ,القلق ,الخوف , الانتظار.
وهو عبارة عن يقظة الوجدان عند صحوته وشعور صاحبه بفداحة الظلم الذي ارتكبه بحق الاخرين, حيث تتحول هذه اليقظة الى مرارة تتفاوت درجات مرارتها حسب مقدار هذه الصحوة ,ولايكاد يسلم انسان من الوقوع في هذا السجن ما دام الضمير موجودا عند كل عاقل حتى الذين نسميهم عديمي الضمير, فهم يشعرون بوخزه في بواطنهم ,وان كانوا لا يصرحون بذلك.
وعذاب الضمير كما يقال هو اشد عذابات الدنيا لانه خفي ومباشر من الاعماق.
وهو عبارة عن سجن العصاب الاليم الذي يقع فيه كل انسان يدوس فطرته ويتجاهلها وهي فطرة الايمان بوجود الخالق العظيم وضرورة عبادته وطاعته, ويتحول الاحساس بتجاهله والكفر به وعدم الاستعداد ليوم الحساب الذي يجازي فيه عباده على افعالهم الى كابوس رهيب خانق يلوع نفوس الكفار.
وهوعبارة عن استعباد الشهوات وحب الدنيا لصاحبها وجعله يدور في حلقتها المفرغة التي لاتنتهي ما دام اسيرا لها, وهو بعبارة اخرى سجن الشيطان الذي يستحوذ على تابعه ويضعه في اغلال التبعية العمياء له.
وهو عبارة عن الالتزام الصارم لدى صاحب المسؤولية في ان يقوم باداء ما عليه حسب المرسوم وبكل صدق وامانة.
وهو عبارة عن حالة الشره الزائد الى جمع اكبر قدر ممكن من المال والثروة ومن سفاسف الدنيا وزخارفها, حيث تتحول حياة صاحب هذه الحالة الى طامورة مظلمة مشحونة بالهوى الدنيوي الجامح الذي لايسمح لها ان تستقر لحظة واحدة.
وهو عبارة عن الاحساس الاسود الذي ينغلق بصاحبه عن العطاء والاحسان الى الاخرين بمت من الله به عليه, ولايستثني حتى نفسه من الوقوع في دائرة ذلك الانغلاق الذي يجعله يعيش بؤس الدنيا وحرمانها وهو يمتلك المليارات.
وهو عبارة عن التزام حالة معينة من النمطية في العمل بل حتى في ممارسة الحياة داخل البيت بدون تجدد أو تلون أو تغيير في الشكلية والمظاهر التي يعمل الفرد أو يعيش فيها.
حادي عشر: سجن الموضة والموديل:
وهو عبارة عن الالتزام الذميم بابتكارات غزاة العقول والثقافة والاذواق بما تطلع به اهواؤهم ورغباتهم.
وهو سجن اللطف الالهي لعباده الذين يحبهم, وينعم عليهم ويريد ان يطهر قلوبهم وصحائفهم بما يبتليهم من أنواع البلاءات والمحن والالام: (اذا احب الله عبدا ابتلاه) ويمكن تسمية هذا السجن بسجن الدنيا حسب الرواية المشهورة : (الدنيا سجن المؤمن).