[frame="5 70"][glint]واجبنا نحو تطبيق شريعة الله[/glint]منقوووووول
الحمد لله رب العالمين، مالك السموات والأرض، خالق كل شيء ومليكه، لا شريك له في خلقه، وملكه وحكمه، والصلاة والسلام على المبعوث بالحنيفية السمحة والشريعة الغراء وعلى آله وأصحابه الذين أقاموا العدل في الأرض، ونشروا الخير في كل مكان.. وبعد،،
غاية الخلق:
فإن الله ما خلقنا إلا لنعبده سبحانه، وما وضع هذه الأرض ورفع هذه السماء إلا بذلك. وهو سبحانه الذي ارتضى لنا الدين، وشرع لنا المنهج والطريق، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات:56) وقال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون، فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم} (المؤمنون:116).
شريعة الله واجبة الاتباع:
وقد ألزمنا سبحانه بطاعة رسله واتباع شرعه، وجعل هذه الطاعة هي العبادة المفروضة علينا، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق} (المائدة:48). وقال تعالى أيضاً: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك، ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك} (المائدة:49).. وقال تعالى في بدء سورة النور: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون} (النور:1) ثم شرع يُبين هذه الفرائض فأثبت حكم الزنى، وقذف المحصنات، والاستئذان وإعانة كل راغب في الزواج، والأكل من بيوت الغير، والحجاب وغض البصر وغير ذلك مما حوته هذه السورة العظيمة التي سميت بسورة النور.
وكل هذا يدل على أن شريعة الله جميعها واجبة الاتباع سواء منها ما يتعلق بالعبادات كالصلاة والزكاة والصوم والحج أو ما يتعلق بالمعاملات أو الآداب أو الحدود. ولعل أهم ما يوضح هذا المعنى ما قاله الله في شأن الربا، وهو معاملة من المعاملات حيث يقول سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فائذنوا بحرب من الله ورسوله} (البقرة:279). فقد هدد سبحانه وتعالى بحرب منه ومن رسوله لكل من أصر على الربا، وبقي على التعامل به بعد أن صدر فيه حكم خالق السموات والأرض سبحانه وتعالى. ومعلوم أن الربا معاملة من المعاملات، وليس عبادة من القربات. ولا شك أن الالتزام به عبادة، أي طاعة لخالق الأرض والسماوات.
وكل هذا يدلنا أن أهل الإسلام ليسوا مخيرين في أخذ شريعة الله وتركها بل هم ملزمون بذلك. بل لا إيمان أصلاً لمن كفر بها وردها وهجرها، أو انتقصها وعابها أو ذمها لأنها تنزيل الحكيم الحميد سبحانه وتعالى، بل إن كل صادّ عنها وتارك لها كافر لا شك في كفره لما قال تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (المائدة:44) وقال تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} (المائدة:45) وقال تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} (المائدة:46).
فلا إيمان إلا مع الإقرار بشريعة الله والإذعان لحكمه، ولا إسلام إلا بالاستسلام لأمر الله ونهيه، والسمع والطاعة لحكمه وخبره.
الشرائع الوضعية والمطبقة ومنافاتها للإسلام:
ولا شك أن الشرائع الوضعية المطبقة في بلاد المسلمين اليوم يجب تغييرها وإحلال شريعة الله المطهرة مكانها، وكل مقصر في ذلك فهو مسئول محاسب أمام الله سبحانه وتعالى عن ذلك.
ولا شك أيضاً أن معظم هذه التشريعات الوضعية مخالفة لشريعة الله، وخاصة في مسائل الحلال والحرام والمعاملات المالية، والسياسية، والاجتماعية، والحدود والعقوبات.
ولا شك أن أهم هذه المخالفات هو أن هذه الأحكام الوضعية والشرائع البشرية لم توضع ليكون هدف الناس وغايتهم هو عبادة ربهم والخضوع لمشيئة سبحانه والاستسلام لأمره ونهيه، وذلك أنها انبثقت ابتداء من عقيدة باطلة لا تؤمن بخالق للكون وبدء له ومدبر له، بل خرجت من كفار بالبعث والنشور جاحدين لخالق السموات والأرض، ممن يعيشون لدنياهم فقط، ولا يؤمنون بحياة بعد الموت وأما شريعة الله فإنها جاءت من عنده، وغايتها في النهاية إقامة عبادته سبحانه وتعالى في الأرض والخضوع لمشيئته والاستسلام لأمره.
وهذا هو الفارق الأساسي بين شريعة الله وشرائع البشر، فشريعة الله من عنده، ولا يرضى سبحانه وتعالى لأحد أن يتقول عليه، أو يشرع لنفسه دون الرجوع إليه، وما الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلا ناطق بأمره، صادر عن حكمه، منفذ لمشيئته، مطيع لشريعته، وما المجتهدون والخلفاء بعده إلا موقعون عنه يجتهدون في سبيل الوصول إلى حكمه، راجعون في كل اجتهاد ورأي إلى كلامه سبحانه، وكلام رسوله الله صلى الله عليه وسلم. وأما شرائع البشر الوضعية فهم يأخذونها من أغلبيتهم التي تتظاهر على الهوى والعصبية، وتصدر عن جهل، وتحكم عن تحكم، أو من ملوكهم والمتسلطين عليهم الذين جعلوا من أنفسهم آلهة وأرباباً يشرعون للعباد ويعتدون على حق رب العباد سبحانه وتعالى كما قال فرعون {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل لرشاد} (غافر:29) علماً أن حكم فرعون لم يكن إلا استبداداً وتسخيراً للشعب في عبادته وصرفاً للناس عن عبادة ربهم وخالقهم سبحانه وتعالى. قال تعالى: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناؤهم، ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين} (القصص:4).
وهكذا كان منطق الطغاة دائماً. يفسدون في الأرض، ويزعمون الصلاح والإصلاح.
باختصار.. المسلم المؤمن هو الملتزم بشريعة الله والكافر هو الذي يرد شريعة الله سبحانه وتعالى.
واجبنا نحو شريعة الله:
بعد هذا البيان الموجز نجمل واجب كل مسلم نحو شريعة ربه فيما يلي:
1. وجوب الإيمان بأن الدين الحق هو طاعة شريعة الله والإذعان لأمره سبحانه وتعالى. وأن من لم يفعل ذلك فهو كافر لا تنفعه صلاة أو صوم أو حج أو عبادة.
2. وجوب العمل لإحلال شريعة لإحلال شريعة الله محل شريعة الكفر وذلك من كل مسلم بحسب قدرته واستطاعته فعلى الإمام من ذلك ما ليس على عامة الناس، وعلى أهل العلم ما ليس على الجاهل، وعلى أهل التمكين ما ليس على المستضعفين. وإن كل أحد مسئولاً كما قال صلى الله عليه وسلم: [كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته] (أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر)
3. عدم الرضا بأي قانون أو تشريع يخالف شريعة الله فكل من رضي أو قدم مختاراً تشريعاً يخالف ما أنزله فقد بالله ولو كان هذا في أي شيء يسير كما قال سبحانه وتعالى في شأن من رأى جواز الأكل مما يُذبح ولم يذكر اسم الله عليه {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق، وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن اطعتموهم إنكم لمشركون} (الأنعام:121). وقد أجمعت الأمة أن من ساوى بين تشريع الله وتشريع غيره فهو كافر وكذلك من قدم تشريع غير الله على تشريع الله سبحانه وتعالى. ولا يجوز لأحد طاعة تشريع غير الله إلا مجبراً ومكرهاً.
4. الدعوة إلى الله بكل سبيل. وبيان الحق وعدم كتمانه حتى تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
وكذلك نُذكر به إخواننا المسلمين ليهبوا لنصرة شريعة ربهم، والحياة في ظل أحكام قرآنهم وسنة نبيهم، بدلاً من العيش في ظل الأنظمة الجاهلية التي وضعها الكفار لهم.
{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} (يوسف:108)[/frame]