ربما كان العيد مأتمًا ..ربما تنقلب التهنئة فيه إلى عزاء ..ربما تصبح بطاقة المعايدة مرثاة ..
عيد أبي الطيب المتنبي يتكرر دائمًا .. في كل زمان ومكان .. عيد البعد .. عيد الفراق ..
فراق الأحبة ..
عيد المتنبي :
عــيــــدٌ بـــأيـــة حال عدت يا عيدُ
بما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُ
أمـــا الأحــبـــةُ فـــالبـيـداءُ دونهمُ
فلــيت دونك بــيدًا دونها بــيد ُ
لم يتركِ الدهرُ من قلبي ولا كبدي
شــيــئــا تتيمهُ عينٌ ولا جـيد ُ
عندما تقبل يا عيد تحمل معك الأسى .. تحمل البكاء .. صباحك دموع .. فهو ليس ككل صباح ..
كنت أتمنى أن تقبل أيها العيد .. ويستقبلني ذلك الوجه .. فهو عندي أجمل عيد ..
عيد آخر يتكرر ..
إنه عيد الأنين ... عيد المآسي .. فنحن نسعد مع أبنائنا .. وغيرنا وارى فلذة كبده ليلة العيد..
نحن نفرح بأزواجنا .. وغيرنا .. يدفن قلبه ليلة العيد ..
نحن نهنئ أهلنا في صباح العيد .. وغيرنا يعزية العالم بفقد أهله . .
هناك عيد آخر ..
إنه عيد الفقير .. ليلة العيد عنده نحيب .. وصباحها مأتم .. أطفاله يلبسون البكاء ..
ويلهون بالدموع .. وياكلون الحرمان .. عندما نتلذذ نحن بالحلوى ..
الفقير في ليلة العيد .. وجهه شاحب .. وقلبه محطم .. وتكتمل مآساة العيد عنده عندما يأتيه ابنه وفي يده لعبة أعطاها له ابن جارة .. لأنها كُــسِــرَتْ ..
لكنك في النهاية ستأتي يا عيدوخاتمة المأساة ..
أقـبلت يــا عــيــد والأحــــــزان أحــــــزان
وفـــــــي ضــمــيــر القوافي ثار بركان
أقـبلت يــا عــيــد ، والـــرمــــضاء تلفحني
وقــــد شــكــت من غــبار الدرب أجفان
أقـبلت يــا عــيــد ، هـــــذي أرض حسرتنا
تــــمـــوج موجًا وأرض الأنــس قيعان
أقـبلت يــا عــيــد ، والظلماء كاشــفــــــــة
عـــــــن رأســــها ، وفؤاد البدر حيران
أقـبلت يــا عــيــد ، أجري اللحن في شفتي
رطــــبــــــًا ، فـــيــــغبطني أهل وإخوان
أزف تــهـــنـــئــــتـــــي لــلـــنـاس أشعرهم
أنـــــــــي سـعـــيــــــد وأن القلب جذلان
وأرســل الــبــــســـمـــة الــخضراء تذكرة
إلـــــى نفـــــوسهم تــــــزهو وتــــزدان
قــالـــــوا وقـــــد وجّهوا نـحـوي حــدـيثهمو
هـــــذا الــــذي وجــهه للـــبشر عنوان
هـــذا الـــــي تصـــدر الآهات عن دمـــــــه
شـــــعـــــرًا رصـيـنــا لــه وزن وألحان
لا لــــن أعــــــاتـــبـهم ، هـم ينظرون إلى
وجــــهي ، وفي خاطري للحزن كتمان
والله لـــو قــــرؤوا فـــي النفـــس ما كتبتْ
يــــد الجراح ، وما صاغــــــته أشجان
ولـــــــو رأوا كـــيـــــف بــات الحزن متكئا
عـــلـــى ذراعي ، وفي عــيــنيه نكران
لأغـــمـــــضـــــوا أعــــيـــنًا مبهورة وبكوا
حــالـــــــي ، وقد نالني بؤس وحرمان
أقـبلت يــا عــيــد ، والأحــــــزان نـــائــمـة
على فراشي ، وطرف الشوق سهران
مـــــن أين نـــــفرح يا عــــيد الجراح وفي
قــــلــــــوبــنا من صنوف الهم ألوان ؟