أحمد الحواش.. ومصيبة الدين
الحمد لله على قضائه وقدره, والصلاة والسلام على خير الناس محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
فإن المؤمن معرض في هذه الحياة لمواجهة العديد من المصائب والآلام كيف لا وقد جبلت على نكد من العيش ومعاناة في ساعاتها ولحظاتها وأصبح لسان كل واحد منا وهو يعيش بين هذه الآلام والمصائب يقول :
جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأكدار والأقذار
بل أصبح المؤمن في كثير من أحواله الممتعة والسعيدة يعيش شيئا من تلك الآلام بمجرد أن تداهمه مصيبة أو يعتريه ألم في وسط ذلك الجو الماتع وتلك اللحظات السعيدة .
ومن ذلك ما عاشه شيخنا الجليل أحمد الحواش في أول أيام عيد الفطر من هذا العام 1429 هـ ، حيث قدر الله سبحانه وتعالى عليه وهو يستقبل ذلك اليوم بعد شهر كامل وحافل مع كتاب الله تعالى أن يحترق بيته وأن يتوفى اثنين من أبنائه.
وأن يصاب مسجده والذي طالما أن عمّره بآيات الله الكريمة والتي تتلى بصوته الشجي المصحوب بالدمعات الصادقة والآهات المخلصة آناء الليل وأطراف النهار وأن يتألم الكثير من محبيه في مشارق الأرض ومغاربها بذلك المصاب ، ولله حكمة في ذلك .
وحينما أتحدت عن الشيخ أحمد فإني أتحدث عن قامة في الصبر وعنوان في الزهد ومنارة في قول الحق؛ وذلك لما عرفه الجميع عنه والجميع متأكد من ذلك.
وحسبي من ذلك قيامه الليل كله وإشراقاته بدروسه الإيمانية , ووقوفه ضد كل منكر , ومعاونته لأهل الخير في ما ينفع الأمة جمعاء أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحداً .
أقول ذلك وحديثي عنه ليس كالحديث عن أي أحد , وهو الذي يعلّمنا كل ما مر به أو بنا أو بالأمة جمعاء حدث أو مناسبة يعلمنا فوائد عظيمة , ومستخلصات فريدة , ونتائج مثمرة .
واليوم والشيخ أمام هذا الحدث الأليم والذي هزّ كل محبيه تراه يقف ثابت المراس , صلب العزيمة , قوي الهمة , ويقول للأمة كلها: المصيبة أيها الناس.. هي مصيبة الدين .
نعم.. المصيبة مصيبة الدين .
هكذا يقول شيخنا.. وهو الذي يتجرع ألم فقد الولد , وانهيار المسجد , وانحراق البيت .
المصيبة مصيبة الدين وليس من مصيبة أعظم منها .
فكل ذاهب سيعوض أما الدين فإذا ذهب فما العوض ؟
المصيبة مصيبة الدين ولا أعظم رزية من فقد الدين .
كل جرح له دواء أما جرح الفؤاد بخلوه من الدين ما الذي يداويه ؟
المصيبة مصيبة الدين ولا أمر من أن يعيش القلب بلا انتماء .
كل انتماء قد يعود أما انتماء الدين فإذا فترت علائقه من يعيده ؟
المصيبة مصيبة الدين ولا أهون في عين الله من دنيا لا دين فيها .
كل حياة قد تجاريها سعادة ومتعة فإذا خلت تلك الحياة من طعم الدين فمن يستسيغها ؟
المصيبة مصيبة الدين درس إيماني يعلمنا إياه هذا العابد الزاهد .
فهل من عقل تدبر , وفؤاد تأمل , وروح تعلمت !!
أسعدك الله أيها الشيخ في الدارين .
ويكفينا من ما ألمّ بنا جميعاً هذه الوقفة الرائعة والتي كنت أنت بطلها أيها الشيخ .