<div align="center">بسم الله الرحمن الرحيم </div>
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ثم أما بعد :فإن الناظر إلى ما آلت إليه الأحداث هذه الأيام ، والمتأمل فيما صارت إليه الأمور ، ليقف حائرا مبهوتا ، مندهشا ، كل يوم حدث أطم من الذي قبله ، مفاجآت تتابع ، وأخبار تقض المضاجع ، وتدمي القلوب .
والمفارقة الكبرى في خضم هذه الأحداث .. أنها تجري على أرض المسلمين وبين ظهرانيهم ، وهم منشغلون عنها أشد الانشغال ، وكأن الأمر لا يعنيهم ، أو أن الخطر بعيد عنهم ...
إن هذه الحال التي نعيشها اليوم – نحن المسلمون – أشبه بحال قوم هاجمهم العدو واستباح ديارهم ، واستولى على أموالهم ، وهم يتعاركون بينهم ، ويديرون جوانب النقاش .. هل خلقت الدجاجة قبل البيضة ، أم خلقت البيضة قبل الدجاجة ؟؟!!
ولا فرق بين حالنا وحال أولئك القوم إلا أنهم كانوا يتناقشون في أمر قابل للنقاش والأخذ والرد – عقلا – أما نحن فنتناقش في أمر لا مجال للنقاش فيه .. وهو : هل عدونا على حق فيما يفعل بنا ؟؟!!
نعم .. هذا هو الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم – ويا للأسف – نقاشات وصراع وعراك .. حول ماذا ؟؟
- هل أمريكا على حق عندما أسقطت نظام صدام ؟
- هل يستحق صدام ما تعرض له من إذلال وإهانة ؟؟
- هل سقوط نظام صدام خير للأمة أم شر ووبال عليها ؟؟- وقبل هذه الأسئلة .. ظهر لنا ذلك السؤال العاجز المتهلهل .. هل صدام هو مهدي آخر الزمان ؟؟ ....
كلها أسئلة العاجزين ، الذين لا يملكون حولا ولا قوة .. فقط نحلل الأحداث ، ولا نصنعها .. وليتنا – في تحليلنا للأحداث – نتفق على رأي ، أو نهتدي إلى صواب ، بل على العكس .. عاجزون ومفترقون !!
والعدو متربص .. وأسلحته موجهة إلينا .. ونحن نتربص به .. لا لندافع عن أنفسنا .. بل نحلل ونفكر ونقدر لنعلم من سيكون عليه الدور بعد صاحبه ؟؟ !!
إن الواقع المر – بل هو العلقم بعينه – الذي نعيشه ، ليس ضربا من الخيال .. وليس فيلما من أفلام الاستعراضات الأمريكية .. إن هذا الواقع هو بالضبط حديث كلام خير المرسلين الذي لا ينطق عن الهوى<font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font> تداعى عليكم الأمم ، كما تداعى الأكلة على قصعتها )) قالوا : أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟؟ قال (( لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن )) قالوا : وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font> ..
الله أكبر .. الله أكبر .. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
إن هذا الحديث النبوي بقدر ما يحمل في طياته من شعور بألم الأمة وحسرتها قبل أربعة عشر قرنا ، لهو في الوقت ذاته رسم دقيق لحالنا اليوم ، ووصف حرفي لما تعيشه الأمة من ذل وهوان ، وكأني به صلى الله عليه وسلم يعيش بيننا ويشاهد ما هو حاصل في هذه الأمة المغلوبة على أمرها ، ويصف ما يرى رأي العين بأبي هو وأمي ..
- كأنه يرى بأم عينيه صلى الله عليه وسلم حالنا ونحن مقبلون على هذه الدنيا بأرواحنا وأجسادنا ، لا نفكر في مصير ولا نهتم بمآل !!
- كأنه يرى بأم عينيه صلى الله عليه وسلم ، جحافل الأعداء تحيط بنا من كل جانب ، مدججين بأنواع الأسلحة التي لم يكن لها مثيل في التاريخ !!
- كأنه يرى بأم عينيه صلى الله عليه وسلم .. كأنه يرى – بغداد – دار السلام ، ومنطلق الجيوش الاسلامية المظفرة في أنحاء الشرق والغرب ، تدك أسوارها بأنواع القنابل ، وتمتهن كرامتها ، ويصب عليها العدو جام غضبه .. وكأن هذا العدو قد أدرك فرصة كان ينتظرها من مئات السنين ، وكيف لا ؟؟ ألم تكن بغداد مركز تخطيط العمليات العسكرية الاسلامية المنطلقة إلى حدود فرنسا .. ألم تكن بغداد – عاصمة الرشيد – الذي مرغ أنوف أجدادهم في التراب ؟؟
- كأنه صلى الله عليه وسلم .. يرى أمم الكفر وهم يتقاسمون خيرات بلاد الاسلام ، وكنوز ديار المسلمين ، جهارا نهارا ، ويسابق بعضهم بعضا كالكلاب المسعورة ، لنهب الخيرات ، واقتسام الثروات ..
- كأنه صلى الله عليه وسلم ينظر إلى هذا العدو الغاشم ، يأمر وينهى ، يعزل ويولي من يشاء .. ونحن نتفرج .. ننتظر ماذا يكون القرار الأخير ؟؟ وهل سيتوقف مسلسل الإهانات إلى هذا الحد !! أم سيتعداه إلى ما هو أشد إذلالا ، وأكثر إهانة !! - فقط نتفرج وننتظر -
- كأنه صلى الله عليه وسلم ، ينظر إلى مليار نسمة من المسلمين – خمس سكان العالم – وهم يتفرجون على الأحداث ، مستسلمين .. قانعين ، لا حول لهم ولا قوة .. كمثل غثاء دحرجه السيل في طريقه ، ثم رمى به في جانب من جوانب الوادي ، غير مبال به ولا أين ألقاه !!للأسف .. وأقولها والأسى يعتصر القلب ، ويقطع نياط الفؤاد !! هذا هو حالنا بالضبط أيها المسلمون !!!
ليست المشكلة اليوم في إسقاط نظام .. أو اجتياح دولة مسلمة فحسب !!
المشلكة والمصيبة العظمى هي الهوان الذي يعيشة ألف مليون مسلم على وجه الأرض .. هوان ماله مثيل في تاريخ الاسلام !!
المصيبة العظمى أن الذي يتصرف بمصيرنا .. ويغير ويبدل في أمورنا هو عدونا .. فأين نحن ؟؟
أين المسلمون ؟؟؟
أين المسلمون ؟؟؟
واعجبا لنا .. نتسائل .. هل يستحق صدام ما حصل له ؟؟
ولا نتسائل .. من الذي فعل به ما فعل ؟؟ من الذي يأمر وينهى في أرض الاسلام ؟؟
هذا هو السؤال .. فلماذا نتعامى عنه ..؟؟
اعذروني ... لا أستطيع أن أكمل .. فوالله إن الأسى والحزن الذي أشعر به ليكاد يوقف يدي عن الكتابة .. وحسبي أن أقول :: اللهم لا حول ولا قوة إلا بك ..
- اللهم نصرك الذي وعدت به عبادك المؤمنين ..
- اللهم أعد لهذه الأمة نصرها وعزها ووحدتها ..
- اللهم ألف بين قلوب المسلمين ، واجمع كلمتهم على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ..
- اللهم إن أعدائنا قد طغوا وبغوا وتجبروا في الأرض وأكثروا فيها الفساد .. اللهم صب عليهم سوط عذاب .. وأرنا فيهم عجائب قدرتك ، وعظيم بطشك ..
- اللهم إن أعداء المسلمين قد علو في الأرض فسادا .. وقد كتبت في سنة خلقك أنك لا ترفع شيئا إلا وضعته .. اللهم ضع مكانتهم .. وأذل قوتهم .. واكسر شوكتهم وانصرنا عليهم ..
- اللهم أعد لنا نصرنا وعزنا ومجدنا .. وأبرم لهذه الأمة أمر رشد إنك سميع مجيب ..
- يارب .. ليس لنا مفر منك إلا إليك .. اللهم فاقبل توبتنا .. وأصلح حالنا .. وانصرنا على عدونا ..
- يارب .. لم نعهد منك إلا خيرا .. ولا نثني عليك إلا خيرا .. فاللهم لا تسلمنا إلى أعدائنا .. ولا تجعل لهم علينا سلطانا ولا سبيلا ..
اللهم آمين ..
<span style='color:red'><div align="center">حسبي الله ونعم الوكيل</div></span>