بسم الله الرحمن الرحيم
تعتبر النصوص القرآنية والأحاديث التي وردت في شأن العسل من أوائل النصوص التي جزمت بالفوائد المطلقة وبالخواص العلاجية الثابتة لهذا
المادة القيمة.
يقول الحق تبارك وتعالى (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون، ثم كلي من كل الثمرات
فاسلكي
سبل ربك ذللاً، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ) (سورة النحل آية) (68، 69).
ويقول في موضع آخر يصف أنهار الجنة والتي وعد الله بها المتقون:
( مثل الجنة التي وعد المتقون، فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهارٌ من لبن لم يتغير طعمه وأنهارٌ من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل
مصفى)( سورة محمد آية 15 ).
ويقول المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه في حديث ما معناه: (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن) (رياض الصالحين – زاد المعاد لابن القيم).
هذه بعض مصابيح الهداية الربانية التي وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة قد أقرت هذه الحقيقة وأعلنتها على الملأ منذ ما يقرب من ألف وأربعمائة
عام.
والآن تعال معي عزيزي القارئ – لكي أطلعك على اجتهادات العلماء واكتشافاتهم لما يحمله ( عسل النحل ) من قيمة غذائية وفوائد صحية.
مكونات العسل:
أكتشف العلماء الآن ما يقرب من سبعين مادة يحتوى عليها العسل من أهمها:
- سكر الفواكه ” فركتوز ” (Fructose) بنسبة (40%)، وسكر العنب “جلوكوز” (Glucose) بنسبة (30%)، وسكر القصب بنسبة (40%) يحتوى عسل النحل
على بعض الخمائر التي تساعد في عمليات الهضم المختلفة … مثل: خميرة الأميليز “Amylase” … التي تحول النشا إلى سكر.
- خميرة الكاتلاز ” ” Catalase والليباز ” Lipase “.
- يحتوى عسل النحل على أنواع كثيرة من البروتينات أهمها الأحماض الأمينية والعضوية، وكذلك يحتوى على مجموعة من الفيتامينات وأهمها فيتامين (ب1)،
( ب2 )، ( ب3 ).
- يحتوى العسل على نسبة من الأملاح المعدنية أهمها: أملاح الكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والحديد والكلور والكبريت.
- ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر أن العسل يحتوى على مواد مضادة لنمو الجراثيم، كما أكد ذلك فريق من الباحثين.
وإذا سردنا جميع محتويات العسل فسيطول بنا المقام، ولكن هذه بعض المكونات الهامة التي أكتشفها العلماء.
إذن فالعسل مادة عظيمة التركيب وشديدة التعقيد مازال العلماء يكتشفون أسرارها يوما بعد يوم. وقد ثبت أن عسل النحل ليس نوعاً واحداً بل
مئات الأنواع
تختلف باختلاف المكان الذي يؤخذ منه العسل.
قال ابن جريح: قال الزهيرى: ” عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ “. وأجوده أصفاه وأبيضه وألينه حدة وأصدقه حلاوة، وما يؤخذ من الجبال والشجر
فهو أفضل
على ما يؤخذ من الخلايا وهو بحسب مراعى نحله[1]
وعسل النحل غذاء عظيم ولن يكون مضرا أو ساما في أي وقت وذلك لأنه لو فرض أن تغذى النحل على نبات سام نجد أن النحل يموت ولن يصنع عسلاً.
لذلك دائماً فإن عسل النحل هو الغذاء الصحي الخالي من أي أضرار.
مميزات العسل: [2]
مقاومته للفساد مدة طويلة تصل إلى سنين عدة بشرط أن يُحفظ بعيداً عن الرطوبة.
مضاد للعفونة ومبيد للجراثيم … حيث أن الفطريات لا تنمو عليه لاحتوائه على مواد مثبطة لنمو الجراثيم، وكذلك لارتفاع تركيز السكر فيه،
والتي تصل إلى
80% من تركيز العسل مما يذكرنا بأن التمر الذي يحوي نسبة عالية من السكاكر لا تنمو فيه الجراثيم أيضاً.
يحفظ الأنسجة لمدة طويلة، وهذا ما دعا العلماء لأن يستخدموا العسل في أحدث المجالات التطبيقية الطبية … ألا وهى حفظ الأنسجة
والأعضاء الحية لمدة
طويلة وهى معقمة دون أن تتأثر حيوية هذه الأعضاء ووظائفها.
وقد وجد بالتجارب التي جرت على العسل في هذا المجال المعطيات التالية:
لمحلول عسل النحل الطازج ( 50% ) و ( 25% ) تأثير مبيد للجراثيم المكورة والجراثيم العضوية بشكل واضح.
الأنسجة التي أخذت ضمن شروط التعقيم وحفظت في محلول ملح عسلي (50%) بقيت معقمة وصالحة لمدة طويلة.
وبما أن العسل يحتوى على قائمة متنوعة من الأملاح المعدنية والأحماض العضوية والخمائر والفيتامينات وكلها مواد لازمة للحياة، فمن الواضح
إذن أهميته كعامل مساعد في الوقاية والعلاج من بعض الأمراض [3].
عسل النحل غذاء كامل:
ولاختبار مدى تكامل عسل النحل كغذاء… قام عالم يدعى “هايداك”
بالتجربة الآتية:
عاش العالم ثلاثة أشهر يعتمد فقط على غذاء واحد عبارة عن مزيج من العسل واللبن بنسبة ثلاثة ملاعق من العسل لكل كيلو من اللبن،
وكانت النتيجة أن
احتفظ بوزنه العادي ونشاطه المعتاد، وكان الشيء الوحيد في التجربة أنه في الأيام الأخيرة ظهرت عليه أعراض نقص فيتامين (ج) الذي عوضه
بإضافة
البرتقال إلى الطعام.
الاستشفاء بالعسل:
كما ذكرنا في المقدمة فإن الأثر الشافي للعسل هو مدلول الآية الصريح حيث يقول الحق تبارك وتعالى (…فيه شفاء للناس ) النحل – آية (69).
وقد يذهل الإنسان عندما يستطلع تأثير هذا الدواء الإلهي العجيب في معالجة الكثير من الأمراض المختلفة بعض الأمراض التي لم يستطع
الطب إلى يومنا
هذا أن يجد لها علاجاً فعالاً كالتهابات الأنف الضمورية والقرح الواسعة في الجلد.
ولعل أهم ما يميز العسل كدواء عن باقي الأدوية هو انعدام تأثيراته الجانبية على الأجهزة المختلفة بل على العكس تماماً فهو يحسن الحالة
العامة لجميع
أنسجة الجسم وهذا ما يساعد أكثر على الشفاء.
ولعل من يؤيد ذلك ما نشرته مجلة ” منار الإسلام ” الظبيانية في عددها الرابع – إصدار ربيع الآخر 1406 ” تحت باب ” حصاد الشهر ” من انبهار العلماء
حينما عجزت جميع المضادات الحيوية عن أن تشفى جرح سيدة مريضة بالسكر استمرت في العلاج ستة أسابيع، وبعد أن أعيتهم الحيل
استخدموا عسل
النحل موضعياً على الجرح في محاولة يائسة كآخر محاولة لبتر ساقها، ولكن المفاجأة التي أذهلتهم هي أن العسل قضى تماما على
مستعمرات البكتريا
وساعد على نمو أنسجة حية حول الجرح. [4]