إنَّ أهمَّ ما يعتني به المسلم في حياته اليوميَّة: هو العمل بسنَّة الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم في جميع حركاته، وسكناته، وأقواله، وأفعاله، حتَّى تنتظم حياته كلُّها على سنَّة الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم, من الصَّباح إلى المساء.
قال ذو النُّون المصري: (من علامة المحبَّة لله – عزَّ وجلَّ - متابعة حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم في أخلاقه، وأفعاله، وأوامره، وسنَّته).
قال الله تعالي: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ آل عمران: 31.
قال الحسن البصري: (كان علامة حبِّهم إياه إتِّباع سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم).
إنَّ منزلة المؤمن تقاس بإتِّباعه للرِّسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فكلَّما كان تطبيقه للسُّنَّة أكثر, كان عند الله أعلى وأكرم. والالتزام بالسُّنَّة له فوائد عديدة منها:
1)الوصول الى درجة محبَّة الله تعالى لنا.
2)جبر النَّقص الحاصل في الفرائض.
3)العصمة من الوقوع في البدعة.
4)تعظيم شعائر الله.
فالله الله يا أمَّة الإسلام في سنن رسولكم صلَّى الله عليه وسلَّم، أحيوها في واقع حياتكم، فمن لها سواكم؟! فهي دليل المحبَّة الكاملة، وعلامة المتابعة الصَّادقة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإليكم عشرون سنَّة متروكة ومهجورة، كلُّها صحَّت عن نبيِّكم الكريم عليه الصَّلاة والسَّلام:
1- لعـق الأصابع قبل مسحها أو غسلها:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (إذا أكل أحدكم؛ فلا يمسح يده؛ حتَّى يَلعقها أو يُـلعقها) متفق عليه.
2- إماطة الأذى عن اللُّقمة السَّاقطة ثمَّ أكلها:
عن جابر رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ بِلَعْقِ الأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ، وَقَالَ: (إِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ) رواه مسلم. وفي لفظ: (إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط ما كان بها من الأذى، وليأكلها، ولا يدعها للشَّيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتَّى يلعق أصابعه، فإنَّه لا يدري في أيِّ طعامه البركة)رواه مسلم.
3- لعق القصعة والإناء ونحوها:
دليل هذه السُّنَّة حديث جابر المتقدِّم في المـسألـة السَّابقة، وحديث أنس رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: وأمرنا أن نسلت القصعة قال : (فإنَّكم لا تدرون في أيِّ طعامكم البركة) رواه مسلم.
4- استحباب السُّحور بالتَّمر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (نعم سحور المؤمن التَّمر) رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني.
قال ابن القيم في زاد المعاد عن التَّمر: (وهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وشراب، وحلوى).
5- التَّنفس عند الشُّرب خارج الإناء ثلاثاً:
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتنفَّس في الشَّراب ثلاثاً ويقول: (إنَّه أروى، وأبرأ، وأمْرأ) متفق عليه.
6- مزْج اللَّبن بالماء:
عن أنس رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أُتْيَ بلبنٍ قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابيٌ، وعن يساره أبو بكر، فشرب ثمَّ أعطى الأعرابي وقال: (الأيمنُ فالأيمنُ) متفق عليه.
7- الدُّعاء عقب شرب اللَّبن:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخلت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة، فجاءتنا بإناءٍ من لبنٍ، فشرب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنا عن يمينه، وخالد عن شماله، فقال لي: (الشُّربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً) فقلت: ما كنت أوثر على سؤرك أحداً، ثمَّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (من أطعمه الله الطَّعام فليقل: اللهمَّ بارك لنا فيه، وأطعمنا خيراً منه. ومن سقاه الله لبناً فليقل: اللهمَّ بارك لنا فيه وزدنا منه). وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: (ليس شيء يجزئ مكان الطَّعام والشَّراب غير اللَّبن) رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني لكثرة شواهده وطرقه.
8- استحباب المضمضة بعد شرب اللَّبن ونحوه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شرب لبنًا فمضمض وقال : (إنَّ لـه دسمًا) متفق عليه.
قال ابن حجر في الفتح: (فيه بيان العلَّة للمضمضة من اللَّبن، فيدلُّ على استحبابها من كلِّ شيء دسم).
9- كثرة الاستغفار في المجلس:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (إن كنَّا نعد لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، في المجلس الواحد مائة مرة: رب اغفر لي، وتب عليَّ، إنَّك أنت التَّواب الرَّحيم) رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
10- العدول عن الأمر المحلوف عليه للمصلحة مع الكفارة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (من حلف على يمين؛ فرأى غيرها خيراً منها؛ فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه) متفق عليه.
11- السُّجود للشُّكر عند حصول ما يسر، واندفاع ما يكره:
قال البغويُّ في شرح السُّنَّة: (سجود الشُّكر سنَّة عند حدوث نعمة طالما كان ينتظرها، أو اندفاع بليَّة ينتظر انكشافها). وقال ابن القيم في زاد المعاد: (وكان من هديه صلَّى الله عليه وسلَّم وهدي أصحابه، سجود الشُّكر عند تجدُّد نعمة تسر، أو اندفاع نقمة).
12- تهنئة من تجدَّدت لـه نعمة دينيَّة أو دنيويَّة:
أخرج البخاري ومسلم، في قصَّة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه قولـه: (فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يُهرول؛ حتَّى صافحني وهنَّأني). قال ابن القيم في الزَّاد: (وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجدَّدت لـه نعمة دينيَّة، والقيام إليه إذا أقبل ومصافحته، فهذه سنَّة مستحبَّة). والآن بعض النَّاس يرى أخاه اشترى ثوباً جديداً، أو قطعة أثاث جديدة، ويظلُّ ساكتاً، بإمكانه يقول: ما شاء الله تبارك الله، أسأل الله أن يبارك لك.
13- صلاة ركعتين عند التَّوبة من الذَّنب:
عن أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ما من رجلٍ يذنب ذنباً، ثمَّ يقوم فيتطهر، ثمَّ يصلِّي - وفي رواية: ركعتين - ثمَّ يستغفر الله؛ إلا غفر الله له) رواه أبو داود والترمذي، وصحَّحه الألباني.
14- التَّصدُّق عند التَّوبة:
أخرج البخاري ومسلم، في قصَّة كعب رضي الله عنه قوله: (قلت: يا رسول الله!! إنَّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله: أمسك عليك بعض مالك، فهو خيرٌ لك).
قال ابن القيم في الزَّاد: (وقول كعب يا رسول الله!! إنَّ من توبتي أن أنخلع من مالي، دليلٌ على استحباب الصَّدقة عند التَّوبة بما قدر عليه من المال).
15- التَّكبير والتَّسبيح عند التَّعجب أو الاستنكار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنَّه لقيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بعض طرق المدينة، وهو جنب فانسلَّ، فذهب فاغتسل، فتفقده النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فلمَّا جاء قال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله!! لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتَّى أغتسل، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (سبحان الله! إنَّ المسلم لا ينجس) متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (وإنِّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنَّة فكبَّرنا، ثمَّ قال: ثلث أهل الجنَّة فكبَّرنا، ثمَّ قال: شطر أهل الجنَّة فكبَّرنا) متفق عليه.
16- استحباب كتابة الوصيَّة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت فيه ليلتين) وفي رواية: (ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة عنده) متفق عليه.
قال نافع سمعت عبد الله بن عمر يقول: ما مرَّت عليَّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول ذلك؛ إلا وعندي وصيتي مكتوبة.
17- ردُّ المقترض بأكثر ممَّا اقترضه كمَّاً وكيفاً من غير اشتراط سابق:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رجلاً أتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يتقاضاه؛ فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه؛ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (دعوه، فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالاً)، ثمَّ قال: (أعطوه سناً مثل سنِّه). قالوا: يا رسول الله!! لا نجد إلا أمثل من سنِّه. قال: (أعطوه، فإنَّ خيركم أحسنكم قضاءً) متفق عليه.
18- عدم نزع اليد عند المصافحة حتَّى ينزعها الآخـر:
عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا صافح رجلاً لم يترك يده؛ حتَّى يكون المصافح هو التَّارك ليد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم). صحَّحه الألباني.
19- كفُّ الصِّبيان عن الخروج من المنزل عند أول قدوم اللَّيل، وتغطية الإناء في اللَّيل:
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا كان جنح الليل أو أمسيتم، فكفُّوا صبيانكم؛ فإنَّ الشَّيطان ينتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل، فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإنَّ الشَّيطان لا يفتح باباً مغلقاً، وأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمِّروا آنيتكم، واذكروا اسم الله، ولو أنَّ تعرضوا عليه شيئاً، وأطفئوا مصابيحكم) متفق عليه.
20- تعريض الجسم للمطر عند نزوله:
عن أنس رضي الله عنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مطرٌ. قال: فحسر " أي: كشف" رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثوبه حتَّى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله!! لم صنعت هذا؟. قال: (لأنَّه حديث عهد بربِّه) رواه مسلم.
قال النَّووي في شرحه: (وفي الحديث دليل لقول أصحابنا: إنَّه يستحبُّ عند أول المطر أن يكشف غير عورته يناله المطر واستدلوا بهذا، وفي أنَّ المفضول إذا رأى من الفاضل شيئاً لا يعرفه، أن يسأله عنه، ليعلمه، فيعمل به، ويعلِّمه غيره).
http://almoslim.net/node/162351