رسالتي لجاري المدخن
عبد الله قهبي
أخي الحبيب، أهدي لك هذه الكلمات والتي أخطها من قلب مملوءاً حباً لك متمنياً لك خيري الدنيا والآخرة فأبدأها بتحية أهل الجنة فأقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي..عندما أنظر في وجهك لا أرى إلا سمات الخير والصلاح ورأيت فيك من دماثة خلق وحسن جوار وحياء جم ما جعلني أفخر بجوارك وآنس بحوارك لكنني متألم لشربك الدخان نعم إن ذلك يحزنني كثيراً وكأن عضواً من جسدي أصيب بسوء كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى " أخي الحبيب ،أسأل الله أن يعافيك من شرب الدخان ويمدك بعونه وتوفيقه ويديم عليك عافيتك فلا ترى سوءا ولا مكروها،، أخي ،، إن لك علي حق النصيحة لأنني أحب لك ما أحب لنفسي وكم يفرحنى زيارتك والجلوس معك لأوصل لك نصيحتي من قلبي ولساني مباشرة لكنني خشيت أن أشغلك لضيق وقتك أو انشغالك فاكتفيت بهذه الرسالة عن الزيارة وكلي ظن باستشعارك صدق محبتي ونصحي لك فأنت أخي وواجبك علي أكبر من هذا وأتمنى والله أن أرى تلك الشفاه الطيبة التي تنطق شهادة التوحيد أن يخرج منها فقط ما يرضي الرب سبحانه لان نعم الله تستوجب منا جميعا الشكر لهذه النعم وبما يرضيه عنا سبحانه ، أخي والله إني أعلم أن لك عقلاً رزينا يميز لك النافع والضار وأستيقن أنك تستقبح وتعلم خبث هذه الرائحة وضررها على الجسد المبارك الذي وهبنا الله إياه وأمدنا بالعافية فيه في غير أن غيرنا محروم من هذه العافية أدامها الله علينا جميعا ، لكنها الذكرى والذكرى تنفع المؤمنين وكيف لا نستقبح هذا البلاء والله تعالى يقول..( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " وإن لبدنك عليك حقا " ومن حق البدن حفظه مما قد يسوؤه..
أخي الحبيب ـ قد يقول لك الشيطان أن التخلص من هذا البلاء صعب ومحال ولن يتغير الحال ، وأنا أقول لك إن في نفسك مكامن قوة لايليق بمثلك الذي يملك رجاحة عقل وقوة إرادة أن لا يفجر تلك القوى الكامنة في نفسه، وأنت يا أخي أقوى من أن يغلبك الشيطان والدخان والله تعالى يقول " إن كيد الشيطان كان ضعيفا " فكيف يغلب الضعيف القوى ،، ولأبين لك أنك قوي حقا انظر لحالك في رمضان كيف تمسك عن هذا البلاء الساعات الطوال فمالذي دفعك لهذا غير العزيمة القوية والإرادة الجازمة ، إن الأمر أسهل وأيسر مما تتخيل ، قال تعالى " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا " وقال سبحانه " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " فقط جاهد نفسك من أجل رضوان الله فسيهديك الله سبيل الرشد والحق فقط اتركه لله خوفا من عذاب الله ووالله ليعينك الله عليه قال صلى الله عليه وسلم " من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه " وقال عليه الصلاة والسلام " إن تصدق الله يصدقك " فقط كن جاداً وصادقا فستعان من الله ومن كان الله معه فمن عليه ومن كان الله عليه فمن معه ، قال تعالى " وأن الله مع المؤمنين " وقال سبحانه " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " فاستعن بالله وقل وردد " حسبي الله ونعم الوكيل " فالمؤمن لو أجتمع عليه الجن والإنس والشياطين فلن يخشى إلا الله ولن يضره أحد أو يغلبه أحد إلا بإذن الله قال تعالى " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم " فالفرج والمخرج قادم للمؤمن القوي بإذن الله تعالى " قال تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ".
أخي الحبيب كم من أقوام قويت عزائمهم وصدقت إراداتهم فتركوا هذا البلاء بعد أن استخرجوا مكان القوى من نفوسهم فكان تركه عندهم أسهل من شرب الماء فلم لاتكن مثلهم أم رضيت أن تكون ضعيفا حتى مماتك ثم تجد مايسؤك يوم معادك فلا تكسل ولا تيأس واستعن بالله قل وردد واستشعر في صلاتك قول " إياك نعبد وإياك نستعين " قوي عزيمتك وإرادتك وتوجه لمولاك وخالقك بالاعانه والسداد حينها ستعط سؤلك ويرفع كربك وينقشع همك وغمك كم نحن بحاجة لاستشعار إعانة الله تعالى في صلاح قلوبنا وصلاح أزواجنا وصلاح ذرياتنا وصلاح أموالنا وصلاح أمتنا جمعاء ، إننا نردد في اليوم والليلة قول الحق تبارك وتعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " فهل استشعرنا حقاً مدلول هذه الآية العظيمة كلما تلفظنا بها..
إن الاستعانة المطلوبة: أن يعلم العبد سنن الله ويستعين بها على تنفيذ أوامر الله جاء في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم "يقول الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ،، حتى قال : فإن قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سال" فمتى ما استشعرت وتدبرت الآية في صلاح ذريتك وأهلك ومالك وقلبك إلا أعطاك الله سؤلك. قال تعالى " فإن قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سال" والأمم منها من تستعين بالأسباب والوسائل التي وضعها الله تعالى ولا تعبده ولا تتعرف على أمره في العبادة. ومنها من تعبد الله ولكنها تغفل عن أمره بالاستعانة والتعرف على سننه وأسبابه.قال العلامة بن عثيمين رحمه من تأمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " الناس في هذا المقام أربعة أقسام:منهم من: يعبد الله ويستعينه.
ومنهم من: لا يعبد الله ولا يستعينه.ومنهم من: يغلب جانب الاستعانة.ومنهم من: يغلب جانب العبادة.وأعلى المراتب: الأولى، أن تجمع بين العبادة والاستعانة يقول رحمه الله ، تجد الإنسان يتوضأ وليس في نفسه شعور أن يستعين الله على وضوئه، ويصلي وليس في نفسه شعور أن يستعين الله على الصلاة وأنه إن لم يعنه ما صلى والعباد يغلبون جانب العبادة،ويستعينون بالله في الشدائد، يقول أحدهم: اللهم أعني، لكن في حال الرخاء تكون الاستعانة بالله والله تعالى يقرن بين العبادة والتوكل، والتوكل هو: الاستعانة كما قال سبحانه [ فاعبده وتوكل عليه ] (هود: 123) هذا حال المؤمن يستعين بالله في رفع مضاره وجلب منافعه روي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ماذا تصنع إذا سول لك الشيطان الخطايا؟ قال أجاهده، قال هذا يطول،أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها، ومنعك من العبور ماذا تصنع؟ قال :أكابده وأرده جهدي قال:هذا يطول عليك،لكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك. أخي المسلم المدخن! إذا أردت التخلص من الشيطان ووسوسته،فاستعن بخالقه يكفه عنك و يحميك.
ولكن لعلك تسأل،كيف أستعين بالله؟ أقول لك: قم وتوضأ وضوءك للصلاة، في غير وقت الصلاة، في جوف الليل مثلا، أو في الثلث الأخير من الليل، ثم صلِ ركعتين بخشوع وخضوع، ثم ارفع كفك الضارع إلى السماء وقل: يارب إني مغلوب فانتصر... يا رب إني مبتلى فاحمني..يا رب حبّب إليّ الطيبات،وكره إليّ والخبائث... يارب ! يا رب!! فستجد الله لك معينا وناصرا قال تعالى ( أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السوء).أخي إن الدخان سبب في أذى الجيران وإلاخوان فلا تكن ممن آذى عباد الله تعالى ، قال صلى الله عليه وسلم قال : ( من أكل من هذه الشجرة الخبثة ـ يعني الثوم والبصل ـ فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) فهذا في البصل والثوم عده النبي صلى الله عليه وسلم أذى للملاءكة والناس فكيف بالدخان وهو اشد مهما رائحة ،كيف ترتل كلام الله أفضل الكلام وفمك الطاهر ملئ بهذه الرائحة كيف تناجي الرحمن وفمك الطاهر ملئ بهذه الرائحة وعن يمينك وشمالك ملكان تؤذيهما هذه الرائحة كذلك أخي هذا البلاء يوقع العبد في العقاب من الله جراء أذى الآخرين كما قال تعالى " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً " فالله الله ياحبينا الغالي في نفسك وأهلك وجيرانك وإخوانك كن معهم ولا تكن ضدهم فأنت بهم وهم بك والمؤمنون إخوة وإن لم يجمعهم النسب والحسب ، سائلا المولى جل وعلا أن يعينك ويوفقك وينصرك على عدوك .
عودة ودعوة