بسم الله الرحمن الرحيم
طغيان التيه .... أساهم أنا وأنت فيه
منذ نحو ثلاثة أيام وأنا أحاول تجميع أفكاري لموضوع محدد ... عن كيفية إدارة الحوار والمشاركة والاستفادة منه ... سواء كان حوار عقدي أو اجتماعي أو حوار العقول والمثقفين ... وما هي ضوابطه الشرعية والفكرية في عصر تمازجت واختلطت جميع المفاهيم والمعتقدات في قرية صغير هي العالم كله ... حوار بناء قائم على توثيق وإعداد المعلومة في رؤوس أقلام يمكن أن ينطلق من خلالها المحاور وهو واثق من الفكر الذي يتبناه ... وأن خرجت لي مقالات سابقة هي في الحقيقة نتاج طبيعي لحوار دار في عالم مقتض بمفاهيم متباينة ومتعددة ... كانت بالنسبة لي فسحة ونافذة مشرعة لأتعرف عن قرب عن أمور تجري خلف ما كنت أعتقد أنه المجهول ... ولقد وردت كلمة في مقالة سابقة ... وقلت لعلي أتيت بدون موعد ولعلي أعود لموعد متجدد ... وأن كانت هذه العبارة صيغت لأنني أأنست وتخوفت واضطربت واختلت لديه أمور ومفاهيم وفكر في وقت وجيز ... فخشيت أن أنجرف من خلال كلمة وجملة قد ترد هنا أو هناك فتكون وبالا ومدخلا لغيري للتشنيع واضربي تحت الحزام ...
أكتفي بالعرض السابق لما أجد في نفسي ... ولعلها أطاله في غير محلها ... ولكنني أجدها مناسبة لدخول في صلب مقالتي هذه ... وأن كنت اكتبها وأنا في وضع لا أغبط عليه ولم أتكيف معه بعد ... فلعلها تأتي كإفرازه تخرج بحزنها وألمها واضطرب فكر تحرك في وجه أفكار ترمى هنا وهناك لم ألف أمورا تراءت أمامي وسمعتها وجادلت أخذا ورد فيها ... فعلمت أنها أسمعت من بإذنه صمم ...
أردت أكتب رسالة لطلاب العلم الشرعي ... فأثرت أن أوجهها للمثقفين ... ولكنني فجأة ودون أن إعداد مسبق أجدني أبث رسالتي لكل فرد يدين بدين الحق وأن تخصص أو تبرمج على مفهوم معين ولكن له معتقد أو فكر يخرج به ومن خلاله ليحاور ويناقش ويعقب ويتداخل في مواضيع تفتح وتغلق بأيدي رموز أو مجموعات تريد أن تبث وتعمم ذلك الفكر على نطاق أشمل وأوسع ...
ولقد تعلمت (( أن الحقيقة المطلقة في علم الله ... والعصمة لا تكون إلا لنبي ... حتى وأن زعمت مجموعة أو شريحة من شرائح ذلك المعتقد أو الفكر أن لديها الحقيقة المطلقة )) ...
وبعد هذه الإطالة أريد أن أدخل في صلب الموضوع ... موضوع أكتبه بدون عنوان أو رؤوس أقلام أنطلق من خلالها ...
وأني أطلق العنان لقلمي ليهمس بما أستشعر وأن كثر الضجيج ... شعور بما بداخلي دون قيد أو شرط ... لأنني وبفضل الله ومنته أم أسجن جسدي ... فكيف يسجن عقلي وفكري المنطلق من معتقدي الذي هو ملاذي ...
كنت قريتي بما فيها من ألفة ومحبة وحسن جوار بين عوائلها وأفرادها هي عالمي الذي نشأت فيه ... فكانت والدتي دفع لي أطبقا من ما طهت لأخذه لجاراتها ... فأتكاسل من ذلك الملل والعمل اليومي الغير شاق ... فتاتي كلمة من والدتي تحثني على الخير وأن هؤلاء أقربائنا وجيراننا وديننا الحنيف يحثنا التودد إليه والإحسان بهم وأشاركهم بما لدينا من خير وفضل من الله ليبارك لنا وعلينا ... فتكون المبادرة أن أحمل أطباق الجيران للجيران ... ثم ألعب وأشارك أقراني الذين هم أكبر مني وأصغر مني سنا ... لكنني تعودت أن أخذ الحكمة والمعرفة ممن هم أكبر مني فأطبقها على واقع هو التكامل الاجتماعي لقرية من قرى بلادي ... فيكون لي تجربة أهديها لمن هو أصغر مني ... ليكتمل ذلك التكامل في مجتمع يدين بدين الله ... فخرجت العادات والتقاليد من هذا المعتقد ...
وإبداء استكمال تعلمي في المدينة ... وهذا أنفتح نافذة أخرى لاكتساب خبرة من خلال مجتمع أكبر من مجتمع القرية التي أعيش فيها ... فأنقل ما اكتسبت وما تعلمت من خلال أحاديث عائلية داخل القرية ... وكأنما أنا مراسل ينقل لتلك القرية ما يجري في المدينة ... تمر الأيام فأسيح في عدة دول في عالمنا العربي والإسلامي وحتى الغربي ... فتتسع أفاق تحصيل العلم والإدراك فأزداد خبرة ويكون زخم من المعلومات والمعرف في أمر قد أتقبلها أو أرفضها ... ولكنها أعايشها ... واستفيد من تناقضها ... فأخرج بمكسب جديد من المعرفة تخولني أن أعي ما ينفعني أو يضر بي ... فالخبرة تجسد الواقع الممارس أمام العين والقلب والسمع والفوأد... ثم يأتي تدور ترجيح ما ينفع وما يضر وفق معتقد وفكر وذخيرة تربيه في بيئة قد أثرت في المتلقي الذي هو أنا ...
أعلم أن الفلسفة طغت في مقالتي هذه التي تحتاج لربط لكثير من الأمور واختصار لكلمات ... ولكن ألم أقل أنني تركت العنان لقلمي ليدون ما بداخلي ...
واليوم أدخل هذا العالم من جديد ... لم أحجز التذكرة ولم أزر السفارة لأخذ تأشيرة دخول ... ولم ولم ولم .... !!!!
وجدت نفسي في المعمعة ... كنت فردا ينقاد أو ينتظر في دور طويل ليجبر على الاستماع والتلقي دون أن يشارك في الحوار والمداخلات ... وعندما وجدت نافذة فتحت لي لأتداخل وبدأت أتنفس بكلمات لم أعد العدة لها ... وإذا على رأسي تاج الإمارة في لحظة لم أكو أرغب بها أو أطلبها ... ولكنها بفضل الله قيدتني بقيد لأرى وأسمع وأنا أخشى على ذلك التاج ... وفي وقت قصي صار لي أكثر من تاج في أمارت مختلف ومتناقضة بما تحتمل هذه الكلمة من معنى ... وهذه فرصة أخرى أن أجد نفسي متبنيا عدة أفكار في وقت وجيز وحاسم ... فوجدت نفس أمارس جميع المتناقضات فهذا الوقت لأخلط جميع المفاهيم والقيم والعادات والتقاليد ... فأقود تارة وأنقاد تارة أخرى ... نعم إنه البالتوك ذلك العالم وتلك التجربة المريرة التي ألوم نفسي مرارا وتكرارا على الدخول إليه ... فقد أجبرت على الصمت وأرغمت في مواقف تتوجب أن أتكلم ... ودفعت للكلام في مواقف ومواطن كان يجب عليه التريث وإطراق السمع والتفكر ... !!!!
أنه ألم يعتصر قلبي ونفسي وأنا بهذا العالم ... الذي يندفع إلى مفهوم وفكر معين أكاد أجزم أنه عالم يرسخ للهيمنة الفكرية المنضوية تحت مفهوم ينخر العظم ويبقي الجسد حتى يطيل من الألم والعذاب ...
عالم يروج لأمور كثيرة ومتعددة ... ولكل فكر زخم وبريق وبهرجة ... خارج كل الأطر والأعراف التي تعايشنا بها وتعملنا بمقتضاها ... فنجد شرائح من معتقد وفكر قد تنفذوا في هذا العالم وتمكنوا أن يرسخوا لهم أصوات وأبواق مدعومة بالكلمة والصورة وحتى مشاعر داخليه تخرج ماطرة في إطار يحوي عنوان عريض ... ولكن التفاصيل تذوب وفق المعطيات والمعادلات التي تتغير بشكل لا يمكن للعاقل أن يستوعبها ... ولكنها تنفذ لتصيب من أريد له أن ينضوي تحت هذا المعتقد أو الفكر المطروح ... فتأتي الفاجعة الكبرى عندما تخمد تلك الأصوات ويبدءا الأخذ والعطاء بين المتلقين الذين يروجون لهذا المعتقد أو الفكر وفق فهمهم أو تفاعلهم معه ...
أدونها هذه الجمل وأنا أبحث في شتاتها ... فتضيع عليه أمور كانت أمسك بزمامها ... فتاهت في تيه كان مفروض على طائفة غضب الله عليها ... فرمتنا بدائها وأنسلت ... فغدونا نتخبط لا إلى هؤلاء ولا إلى ألائك ... وأن كنت أرى مبادرات شخصية هنا أو هناك ولكنها ضاعت وتشتت في طوفان أحتوى عقول وفكرا ووجهه وجهة عجيبة غريبة ... أتت إلى هنا لأمر واحد ... فتجاوز الأمر كل الحدود ... لعلي أسهبت ولكن دون زبده... أو ثمرة يخرج بها القراء ... ولكنه حقا فيضان ضرب ويضر ويتبع الموجة بموجات أقوى وأكثر تركيزا ... دون توقف أو رحمة ... فإن لاذ من لاذ بجيل أو مكان مرتفع ... فلع الصدمة والفاجعة أنسته إلى حين أن السواحل قد دمرت بما فيها وما عليها فأصبحت تتراء لنا وهي ترزح تحت المد البحري أو التيه الذي هو أيه على غيرنا فأمسينا فيه تائهون ...
وتر يدندن عليه ومحور هو المقصود والمراد ... وهدف ينفذ إليه شأنا أو أبينا ... فالغاية تبرر الوسيلة ... وأرض الواقع الحاضر تكشف المستور ... ولكن دون أن نعي أو نستوعب الدروس ... وان كنت أعي أن الكثير سيتهمني ( أني أرسخ لمفهم المؤامرة .. أو أتبنها )) ولكنني تعايشت الواقع الممثل في عالم البالتوك ... وتفاعلت به وتعاملت فعلمت أمورا قد لا يتسنى لغير أن يرها أو يسمعها ... فأيقنت أن الهدف ليس الشباب من الفتيان ... وليس العقول ... وليس المعتقد ... أنما الهدف والتركيز على المرأة والفتاه ... هذا هو الهدف الحقيقي ... رضينا أو أبينا ...
المرأة والفتاة المسلمة هي الهدف ... وأن كان زج بنا في أمور كثيرة وفتح النقاش والحوار خصوصيات وعموميات أوهمنا أنها متطلبات المجتمع المتحضر ... وهذا ما أريد لنا ... علمنا أو لم نعلم ... شعرنا أو لم نشعر ... ولكننا حيدنا بل ساهمنا في تسهيل الوصول للفتاة المسلمة والمرأة المؤمنة ... لأنها الأم التي تحمل وتلد وتربي نتاج الأمة وذخرها وذخيرتها ... فإذن الأرض التي تنتج لأبد أن تبور أو تخرب ليأتي نتاجها فاسدا غث لا يفي بمتطلبات المستقبل ... الذي يعمل على أن يكون لهم هم منطلقين أنهم الأمة المختارة ...
هذه مصدر حزني ومرارة أتحسسها في حلقي وقبضة في صدر وألم في قلبي ... ثم العقل الذي تشتت والفكر الذي تبعثر ,,, وأمور وأمور وأمور لتقلب الحقول وتموت الجذور ... وأتعب وأنا أنتزع الكلمة التي أريد أن تخرج بصدقها ونفوذها فلعل قلوب تدرك وعقول تتفكر ... وأبصار حجبت وكنها مازالت ترمش في عتمة فرضت علينا دون أن نعي أننا نساهم في كتم همسها ...
هكذا خرجت حروفي وهي تعتصر ذلك الواقع المرير ...
فهل الكل غافل أم متغافل ...
أم أننا أما شبه ترمى هنا وهنا تشغلنا عن الهدف الذي ينطلقون من خلاله ...
حقيقة أن الكلام يطول ...
ولكنه إذا أرد الله سبحانه وتعالى سيوالي البحث والتقصي ...
فإن لامست الحقيقة فذاك بفضل الله وحدة ...
وإن لم يكو فهذا من قصور مني ومن الشيطان ...
وأن خرجت ... فإني لا أسف إلا غفلة أخذتني دون أن أعي ...
فلعلي أتيت بدون موعد ... ولكنني سأعود في لقاء يتجدد بإذن الله تعالى ومشيئته ...
نادر النادر