منهج اخيار الآيـات
لعل الذي يقرأ في السطور التالية يظن أن لكل مرضٍ آية معينة وهذا التخصيص الذي لا أعنيه أبدا ، ويكفي للقارئ أن يقرأ سورة الفاتحة على أي مرض فهي رقية كما ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أو يقرأ سورة البقرة فإن أخذها بركة، أو يقرأ آية الكرسي فهي أعظم آية في القرآن ، أو يقرأ المعوذات فما استعاذ مستعيذ بمثلهما ؛ ولكنني عندما أذكر بعض الأمراض وما يقرأ عليها من آيات مع آيات الرقية فهو من قبيل التبرك فيما تتضمنه الآية من معنى يتناسب مع حال المرض.
يقول ابن القيم: هنا أمور ثلاثة موافقة الدواء للداء ، وبذل الطبيب له، وقبول طبيعة العليل ، فمتى تخلف واحد منها لم يحصل الشفاء ، وإذا اجتمع حصل الشفاء ولا بد بإذن الله سبحانه وتعالى ، ومن عرف هذا كما ينبغي تبين له أسرار الرقى ، وميز بين النافع منها وغيره ، ورقى الداء بما يناسبه من الرقى ، وتبين له أن الرقية براقيها وقبول المحل ، كما السيف بضاربه مع قبول المحل للقطع ، وهذه إشارة مطلعة على ما وراءها لمن دق نظره وحسن تأمله والله أعلم .
ويقول في موضع آخر : ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين ، منزلة [ السكينة ] ، هذه المنزلة من منازل المواهب لا من منازل المكاسب ، وقد ذكر الله سبحانه " السكينة" في كتابه في ستة مواضع .
1- } وَقَالَ لَهُمْ نِبِيّهُمْ إِنّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مّن رّبّكُمْ وَبَقِيّةٌ مّمّا تَرَكَ آلُ مُوسَىَ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّكُمْ إِن كُنْتُـم مّؤْمِنِينَ{ [البقرة: 248]
2-} ثُمّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لّمْ تَرَوْهَا وَعذّبَ الّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَآءُ الْكَافِرِينَ{ [التوبة:26]
3- } إِلاّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الّذِينَ كَفَرُواْ السّفْلَىَ وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{ [التوبة:40]
4- } هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ السّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوَاْ إِيمَاناً مّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلّهِ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً { [الفتح:4]
5- } لّقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً { [الفتح:18]
6- } إِذْ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيّةَ حَمِيّةَ الْجَاهِلِيّةِ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التّقْوَىَ وَكَانُوَاْ أَحَقّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً { [الفتح:26]
وكان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الامور : قرأ آيات السكينة. وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه ، تعجز العقول عن حملها، من محاربة أرواح شيطانية ، ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف قوة . قال: فلما اشتد علي الامر قلت لأقربائي ومن حولي : اقرأوا آيات السكينة ، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال ، وجلست وما بي من قلبه . وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يرد عليه . فرأيت لها تأثيراً عظيما في سكونه وطمأنينته أ.هـ .
ويقول في الزاد كان شيخ الإسلام كثيراً ما يقرأ في أذن المصروع } أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ{ ، وكان يعالج بآية الكرسي وكان يأمر بكثرة قراءة المصروع ومن يعالجه بها.
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض حديثه عن آية الكرسي: ومع هذا فقد جرب المجربون الذين لا يحصون كثرة أن لها من التأثير في دفع الشياطين وإبطال أحوالهم ما لا ينضبط من كثرته وقوته أ.هـ.
وفي سنن الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بِحَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ وَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ فَاشْتَكَى سَيِّدُهُمْ فَأَتَوْنَا فَقَالُوا هَلْ عِنْدَكُمْ دَوَاءٌ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنْ لَمْ تَقْرُونَا وَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَلا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلا فَجَعَلُوا عَلَى ذَلِكَ قَطِيعًا مِنَ الْغَنَمِ قَالَ فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَّا يَقْرَأُ عَلَيْهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ.
ويقول ابن كثير في تفسيره لسورة يس : عن عكرمة قال أبو جهل لئن رأيت محمدا لأفعلن ولأفعلن فأنزلت "إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا - إلى قوله - فهم لا يبصرون" قال: وكانوا يقولون هذا محمد فيقول أين هو أين هو؟ لا يبصره ، رواه ابن جرير.أ.هـ.
وفي الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت: لما نزلت سورة "تبت يدا أبي لهب" أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فِهر وهي تقول:
مذمما عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا
والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد ومعه أبو بكر رضي الله عنه؛ فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، لقد أقبلت وأنا أخاف أن تراك! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها لن تراني) وقرأ قرآنا فاعتصم به كما قال. وقرأ "وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا". فوقفت على أبي بكر رضي الله عنه ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبا بكر، أخبرت أن صاحبك هجاني! فقال: لا ورب هذا البيت ما هجاك. قال: فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيدها. وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: لما نزلت "تبت يدا أبي لهب وتب" [المسد: 1] جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فقال أبو بكر: لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما يؤذيك، فإنها امرأة بذية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه سيحال بيني وبينها) فلم تره. فقالت لأبي بكر: يا أبا بكر، هجانا صاحبك! فقال: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله. فقالت: وإنك لمصدقه؛ فاندفعت راجعة. فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، أما رأتك؟ قال: (لا ما زال ملك ببني وبينها يسترني حتى ذهبت).
وقال كعب رضي الله عنه في هذه الآية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستتر من المشركين بثلاث آيات: الآية التي في الكهف "إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا"، [الكهف: 57]، والآية في النحل "أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم" [النحل: 108]، والآية التي في الجاثية "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة" [الجاثية: 23] الآية. فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأهن يستتر من المشركين.
قال كعب رضي الله تعالى عنه: فحدثت بهن رجلا من أهل الشام، فأتى أرض الروم فأقام بها زمانا، ثم خرج هاربا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن فصاروا يكونون معه على طريقه ولا يبصرونه. قال الثعلبي: وهذا الذي يروونه عن كعب حدثت به رجلا من أهل الري فأسر بالديلم، فمكث زمانا ثم خرج هاربا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن حتى جعلت ثيابهن لتلمس ثيابه فما يبصرونه.
قلت: ويزاد إلى هذه الآية أول سورة يس إلى قوله "فهم لا يبصرون". فإن في السيرة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومقام علي رضي الله عنه في فراشه قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده، وأخذ الله عز وجل على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات من يس: "يس. والقرآن الحكيم. إنك لمن المرسلين. على صراط مستقيم. تنزيل العزيز الرحيم - إلى قوله - وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون" [يس: 6]. حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.
قلت: ولقد اتفق لي ببلادنا الأندلس بحصن منثور من أعمال قرطبة مثل هذا. وذلك أني هربت أمام العدو وانحزت إلى ناحية عنه، فلم ألبث أن خرج في طلبي فارسان وأنا في فضاء من الأرض قاعد ليس يسترني عنهما شيء، وأنا أقرأ أول سورة يس وغير ذلك من القرآن؛ فعبرا علي ثم رجعا من حيث جاءا وأحدهما يقول للآخر: هذا ديبله؛ يعنون شيطانا. وأعمى الله عز وجل أبصارهم فلم يروني، والحمد لله حمدا كثيرا على ذلك. أ.هـ.
ويقول الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي في تفسيره المعروف بمعالم التنزيل : قال الحسن دواء العين أن يقرأ الإنسان هذه الآية }وَإِن يَكَادُ الّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمّا سَمِعُواْ الذّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنّهُ لَمَجْنُونٌ{[سورة القلم].
ويقول القرطبي في تفسيره للآية رقم 81 من سورة يونس : قال ابن عباس: من أخذ مضجعه من الليل ثم تلى هذه الاَية. } مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ{ لم يضره كيد ساحر ، ولا تكتب على مسحور إلا دفع الله عنه السحر.
وعند ابن كثير في تفسير قوله تعالى: }فَلَمّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ { عن ابن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الاَيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور الاَية التي من سورة يونس } فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون{ والاَية الأخرى }فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون{ إلى آخر أربع آيات, وقوله }إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى{.
واعترض عليه الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى بقوله : مثل هذا لا يعمل به برأي ليث بن أبي سليم ، ولا برأي ابن القيم ، ولا غيرهما ، وإنما يعمل بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجيء عنه صلى الله عليه وسلم شيء مما يقول ابن أبي سليم ، ولا ابن القيم ، وما يُـنقل عن وهب بن منبه ؛ فعلى سنة الإسرائيليين لا على هدي خير المرسلين ، ومن باب هذا التساهل دخلت البدعُ ثم الشرك الأكبر . وعلى المؤمن الناصح لنفسه أن يعضَّ بالنواجذ على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، ويتجنب المحدثات ، وإن كانت عمن يكون ، فكل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ورد عليه العلامة الزاهد فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى : وبين انه لم ترد أي مخالفة شرعية فيما قاله ابن أبـي سليم ، وأن كلامه داخل تحت الأصول العامة ، فقال : " أقول : اعتراض الشيخ حامد على ما ذكره الشارح عن أبي سليم ووهب بن منبه وابن القيم ليس في محله ، بل هو غلط من الشيخ حامد ، لأن التداوي بالقرآن الكريم ، والسدر ، ونحوه من الأدوية المباحة ، ليس من باب البدع ، بل هو من باب التداوي وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم " عباد الله ! تداووا ولا تتداوا بحرام "
ويقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-حفظه الله - في وصفه علاجا للمربوط: أن يأخذ سبع ورقات من السدر (النبق ) الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ، ويجعلها في إناء ويصب عليها من الماء ما يكفيه للغسل ، ويقرأ فيها "اية الكرسي " و"قل يا أيها الكافرون " و"قل هو الله أحد" و"قل أعوذ برب الفلق " و"قل أعوذ برب الناس " وآيات السحر التي في سورة الأعراف وهي قوله تعالى :
} وَأَوْحَيْنَآ إِلَىَ مُوسَىَ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوَاْ آمَنّا بِرَبّ الْعَالَمِينَ * رَبّ مُوسَىَ وَهَارُونَ {[ الأعراف: 117 – 122]
والايات التي في سورة يونس وهي قوله سبحانه :} وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمّا جَآءَ السّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مّوسَىَ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مّلْقُونَ * فَلَمّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقّ اللّهُ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ { [يونس :79 -81 ]
والايات التي في سورة طه وهي قوله سبحانه وتعالى :} قَالُواْ يَمُوسَىَ إِمّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمّآ أَن نّكُونَ أَوّلَ مَنْ أَلْقَىَ * قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيّهُمْ يُخَيّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنّهَا تَسْعَىَ * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مّوسَىَ* قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنّكَ أَنتَ الأعْلَىَ * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوَاْ إِنّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتَىَ { [طه :65-69]
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله ، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء.
وفي الأثر عنْ عبدالله ابنِ مسعودٍ، قالَ: منْ قرأَ أربعَ آياتٍ منْ أولِ سورةِ البقرةِ، وآيةَ الكرسِي وآيتانِ بعدَ آيةِ الكرسِي، وثلاثاً منْ آخرِ سورةِ البقرةِ ، لم يقربْهُ وَلاَ أهـلَهُ يومئذٍ شيطانٌ ، ولا شيءٌ يكرهُهُ ولا يُقرأنَ علَى مجنونٍ إلاّ أَفَاقَ. رواه الدارمي في سننه
وفي كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي يقول: روي عن الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال : عجبا لمكروب غفل عن خمس وقد عرف لمن قالـهن .
1) } وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثّمَرَاتِ وَبَشّرِ الصّابِرِينَ * الّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنّا للّهِ وَإِنّـآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مّن رّبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{ [البقرة:155-157]
2) } فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوّضُ أَمْرِيَ إِلَى اللّهِ إِنّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوقَاهُ اللّهُ سَيّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوَءُ الْعَذَابِ{[غافر:44ـ 46]
3) } وَذَا النّونِ إِذ ذّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنّ أَن لّن نّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىَ فِي الظّلُمَاتِ أَن لاّ إِلَـَهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجّيْنَاهُ مِنَ الْغَمّ وَكَذَلِكَ نُنجِـي الْمُؤْمِنِينَ{ [الأنبياء :86 ـ 87 ]
4) } الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوَءٌ وَاتّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم{ [آل عمران:173ـ174]
5) } وَأَيّوبَ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ أَنّي مَسّنِيَ الضّرّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مّعَهُمْ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىَ لِلْعَابِدِينَ{ [الأنبياء:83 ـ84]
يقول الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال: من لزم قراءة هذه الآيات في الشدائد كشفها الله تعالى عنه .
يقول الشيخ بدر الدين بن عبدالله الشبلي : وفي التطبب والاستشفاء بكتاب الله عز وجل غنى تام ، ومقنع عام ، وهو النور والشفاء لما في الصدور ، والوقاء الدافع لكل محذور ، والرحمة للمؤمنين من الأحياء وأهل القبور ، وفقنا الله لإدراك معانيه، وأوقفنا عند أوامره ونواهيه ، ومن تدبر من آيات الكتاب من ذوي الالباب وقف على الدواء الشافي لكل داء مواف ، سوى الموت الذي هو غاية كل حي ، فإن الله تعالى يقول : " ما فرطنا في الكتاب من شيء " ، وخواص الايات والأذكار لا ينكرها الا من عقيدته واهية ولكن لا يعقلها الا العالمون لأنها تذكرة وتعيها أذن واعية والله الهادي للحق أ.هـ.
ويقول ابن القيم في كتابه الفوائد: دعاء عظيم قوله تعالى : } وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ{ [الإنبياء:83] ، جمع في هذا دعاء بين حقيقة التوحيد وإظهار الفقر والفاقة إلى ربه ، ووجود طعم المحبة في التملق له ، والإقرار له بصفة الرحمة ، وأنه أرحم الراحمين ، والتوسل إليه بصفاته سبحانه ، وشدة حاجته هو وفقره ، ومتى وَجَدَ المُبْتَلَى هذا كُشِفَتْ عنه بلواه . وقد جُرب أنه مَن قالها سبع مرات ، ولا سيما مع هذه المعرفة .
وفي الطب النبوي يقول ابن القيم: قال المروزي : بلغ أبا عبدالله أني حممت ، فكتب لي من الحمى رقعة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله ، وبالله ، محمد رسول الله ، } قُلْنَا يَنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَمَا عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ، وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأخْسَرِينَ{[الأنبياء:69،70]، اللهم رب جبرائيل ، وميكائيل،وإسرافيل ، اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك ، إله الحق امين . قال الخلال :حدثني عبدالله بن أحمد ، قال : رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض ، أو شئ نظيف ، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين : } كَأَنّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوَاْ إِلاّ سَاعَةً مّن نّهَارٍ بَلاَغٌ{ [الأحقاف]، }كَأَنّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوَاْ إِلاّ عَشِيّةً أَوْ ضُحَاهَا {[النازعات].
وقال كتاب للرعاف :كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يكتب على جبهته }وَقِيلَ يَأَرْضُ ابْلَعِي مَآءَكِ وَيَسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَآءُ وَقُضِيَ الأمْرُ{[هود:44]. وسمعته يقول : كتبتها لغير واحد فبرأ ، فقال . ولا يجوز كتابتها بدم الراعف ، كما يفعله الجهال ، فإن الدم نجس ، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله تعالى. كتاب آخر له : }يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ{ [الرعد:390].
وقال كتاب للحزاز: يكتب عليه:} فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ { بحول الله وقوته . وقال كتاب لوجع الضرس: يكتب على الخد الذي يلي الوجع : بسم الله الرحمن الرحيم : }قُلْ هُوَ الّذِيَ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلاً مّا تَشْكُرُونَ{، وإن شاء كتب :}وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي الْلّيْلِ وَالنّهَارِ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ{[الأنعام:13] . كتاب للخراج : يكتب عليه } وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً{ [طه:105].
وبما ذكرت كفاية لإيضاح منهج اختيار الآيات التي يتضمن معناها ما يتناسب مع حال المرض ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( كل ما كان منهيا عنه لذريعة فإنه يفعل لأجل المصلحة الراجحــة ).
وعموما أخرج مسلم في صحيحه عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ .