إن الإنسان إذا انس بالدنيا وشهواتها ولذاتها وعلائقها ثقل على قلبه مفارقتها ، فامتنع قلبه من التفكير في الموت الذي هو سبب مفارقتها وانشغل باالاحلام الباطلة وغرته الأماني وألهى نفسه بالبحث عن أسباب تحقيقها من مال ومسكن و......................... " فذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ثم يطمع ان أزيد " سورة المدثر تكفي هاته الآية لوحدها إن تذكر المؤمن انه بطبعه يسكنه الطمع فعليه الحذر لان من أسباب الهلاك مؤانسة الطبع .
قال تعالى :" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب" سورة آل عمران
فحينها يغرق صاحبنا في بحر الشهوات التي لا قرار لها فهي حبل لا متناهي إذا تعلق بــه شده إلى الأعمــاق شدا لا انقطاع بعده إلا من رحم ربك فتراه منهمكا ، مشغولا لا وقت لديه لصلة رحم ولا لمساعدة مسكين ولا لمسح على راس يتيم أو الوقوف للتخفيف عن حزين انه بعيد بعدا يكفيه ليكون غائبا في جلد حاضر أو ميتا في جلد حي فهو كالسكران الذي لا يعي ما يقول أو يفعـــل فلا يراقب حق الله في ماله ولا حق عياله ولا حق نفسه التي بين جنبيه حقها في الذكر وحتى وان تذكر فقلبه لاه غير متيقن قد يقول لكن مستحيل أن يفعل قد يشعر لكن مستحيل أن يقرر يحسب نفسه على صواب وكل من يذكره يحسبه على خطأ وقد يقاطعه هو الآخر لأنه في رأيه يغار منه أو يحسده فالبعد عنه اسلم لتحقيق المراد .
أما المؤمن فيخشى على نفسه انفتاح الدنيا لأنه يعلم أنها فتنة لا يقدر عليها إلا من عصمه الله حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه :" والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على الذين من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم " في الصحيحين
وقال أيضا :" ان الله تعالى ليحمي المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه "
وقال:"مالي والدنيا إنما أنا كراكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها " وقال:" ما الدنيا في الآخرة إلا كما يدخل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما ترجع "