إن المتابع لزلزال الحجاز الأخير وما حصل لأهلنا في العيص وكذلك المناطق والقرى والهجر المتاخمة لها كالهدمة والشاقة وأملج والوجه وينبع البحر والنخل وبعضاً من أحياء المدينة النبوية يحس بالخطر المحدق الذي يجب أن يعرفه الجميع ويستخلصوا منه الدروس والعبر، وعدم الأخذ بتلك الأطروحات الإعلامية أو الجيولوجية والتي تعزو تلك الظاهرة إلى تغيرات في القشرة الأرضية .
قامَ الفريقِ الإعلامي لشبكة مفكرة الدعاة بزيارةِ مدينةِ العيص ، من أجلِ مواساةِ أهلها والوقوفِ بجانبهم ، ومن أجلِ الوقوفِ على الأوضاع بصورتها الصحيحةِ أيضاً .
في هذا العام 1430 بدأت الهزات تشتد وتمتد وتزيد, ومن شهر تقريبا بدأ أهل المنطقة يسمعون في باطن الأرض دوي انفجارات كأصوات المدافع والرعد والبرق ..
ثم رجت الأرض رجاً وزلزل الناس، وبدأت المباني تتصدع وتزداد نسبة ارتفاع الهزات 2.00 ومن ثم وصلت إلى 3.00 ومن ثم 4.07 وسجلت أقوى الهزات 5.05 على مقياس ريختر مما زاد من نسبة الخوف والقلق عند الناس كبيرهم وصغيرهم ذكراهم وأنثاهم. حيث امتدت هذه الزلازل بدائرة نصف قطرها 100كم من كل اتجاه وأصبح الناس في حالة ترقب وفزع.
ويقال أن المصهور البركاني ( اللافا ) كان على عمق 7 كم من القشرة الأرضية ثم صار على عمق 5 كم من القشرة الأرضية ثم صار على عمق 2 كم من القشرة الأرضية مما يعني أن هناك تصاعد للمصهور البركاني فماذا بعد هذه الزلازل الله أعلم .
وصلنا قبيْل صلاة الجمعة .. وقد كانت لشيخنا حميدان الجهني خطبة في قرية ( الفقعلي ) القريبة من أماكن المخيمات المهيئة لأهالي العيص ، وتبعد عنها قرابة (60كم) .. الذي اكتظ بالمصلين الذين لم يجدوا أماكن حتى خارج المسجد مما اضطر بعضهم للصلاة واقفا تحت لهيب أشعة الشمس المحرقة ، والبعض رجع ، بل والأشد من هذا عدم وجود ماء يكفي للوضوء إلا أن وجود (وايت) يحوي بقية من الماء جعل الناس تزدحم عليه .
كما كانت هناك خطبة أيضاً في مسجد قرية (المثلث) القريبة من الفقعلي لفضيلة الشيخ / د. فهد سعد الجهني عميد كلية الشريعة في جامعة الطائف ، والكاتب في صحيفة المدينة الذي قدم - أيضا - للاطلاع على أحوال المنطقة ومواساة أهلها ..
ثم بعدها كانت لنا زيارة لمخيم الإيواء المقام في قرية (الفقعلي ) ، إلا أن المخيم يكاد أن يكون خالياً تماما لصعوبة البقاء فيه والإيواء إليه وكان مخيما ضخما يحتوي على مئات الخيام ولكن كان ينقصه أشياء كثيرة فأكثر الخيام غير مكيفة،ودورات المياه قليلة جدا ، ولعل التجهيز له كان متأخر فالعمل فيه مستمر .
وكان هناك خيمة معدة للكشف الطبي
وخيمة كبيرة على واجهة المخيم للمتطوعين من قرية ( الفقعلي ) ، وهم مجموعة من شباب القرية بذلوا أوقاتهم في سبيلِ خدمةِ إخوانهم مع أهل العيص الذينَ لم يرحلوا عن المنطقة .. وتقديمِ الماءِ والغذاءِ لهم ، على مدر الساعة بالتناوب بينهم وقد أثنى أهل المنطقة على الجهود الكبيرة التي بذلوها فجزاهمُ الله خيرَ الجزاء ،وقدِم الشيخ إليهم وشكرهم على جهودهم وحثهم على الاستمرار .
وكذلك كان هناك جهد مشكور للمستودع الخيري في المنطقة - والذي يشرف عليه -أيضاً- أعداد من الشباب المتطوعين- فقد قام بالدور الأكبر في صرف المعونات والمتابعة المستمرة لاحتياجات الناس والتعاون مع الجهات الرسمية في التخفيف من أضرار هذه الأزمة ، وتوفير الوجبات اليومية .
اِنتقلنا بعدَ ذلك إلى مخيم ( صيوان ) المستودع الخيري في قرية(المثلث)،حيثُ كانَ هناكَ لقاءاً معَ بعضِ الإخوة والدعاة وأعيان أهالي العيص،تمّ فيهِ تناول الغداء وتبادل الأحاديث في مجريات الأحداث وتطورات الأوضاع وماتحتاج إليه المنطقة،وأحوال أهلها .
خرجنا بعدها برفقة ِ أحد أهالي العيص إلى داخل المنطقةِ المحفوفة بالمخاطر ، وأخذنا فيها جولةً مصوّرة ، رأينا فيها عجائباً كثيرة .
فعند مدخلها رأينا سيارات الدفاع المدني المعدة لحالات الطواري ، وكان الدخول إليها ممنوعا فالجهات الأمنية لاتسمح لأحد من سكانها بالدخول للمكث فيها إلا لمن له حاجة عاجلة أو للجهات العاملة حرصاً عليهم حياتهم وحفاظا على ممتلكاتهم –بإذن الله-
وكانت موحشة جداً لخلو السكان منها . . كأن لم يقطنها أحدٌ من قبل .. فلم نجد فيها داعٍ ولامجيب ، فقد أجلي منها أهلها تماما، وجميع المحلات والمحطات مغلقة ولانرى في الشوارع إلا القطط التي تتجول بحثا عن طعام تأكله أو ماء تشربه فلا تكاد تجد شيئا بعد مرور أسبوعٍ كاملٍ من خروج أهلها منها .