الموعظة الثانية
حُسْـنُ الخُـلُقِ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً مَّعدوداتٍ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
من أعظم ما يحث عليه الإسلام ويرغِّب فيه: حُسن الخُلُق, كثير من الناس يسمع كلمة حُسن الخُلُق, لكن لو تقول له ماذا تعرف عن حُسن الخُلُق؟ ما هو تعريف حُسن الخُلُق؟ ما هي مقومات حُسن الخُلُق؟ ما هي أُسس حُسن الخُلُق؟ كثير من الناس لا يعرف شيئًا, وقد رغّبنا رسولنا صلى الله عليه وسلم في حُسن الخُلُق عندما قال صلى الله عليه وسلم عندما سُئِل, أكثر ما يدخل الناس الجنة, قال: "تقوى الله وحُسن الخُلُق", فهنا تقوى الله أي بينك وبين الله, وحُسن الخُلُق بينك وبين الناس, والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الرجل ليُدرك بحُسن خلقه درجة الصائم القائم" تصوروا عندنا رجل صائم قائم, ورجل عنده حُسن خُلُق, هذا الرجل الذي عنده حُسن خُلُق يُدرك درجة الصائم القائِم.
وقال صلى الله عليه وسلم أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة حُسن الخُلُق.
طيب ما هو تعريف حُسن الخُلُق؟ هذا الذي نريد أن نعرفه في هذه الحلقة, كيف يعرف المسلم, أو كيف يزِن المسلم نفسه, يعرف نفسه أنه عنده حُسن خُلُق أو ليس عنده حُسن خُلُق؟
كلمة قالها الإمام الحسن البصري -رحمه الله تعالى- في تعريف حُسن الخُلُق, قال ثلاث كلمات: "كف الأذى, وبذل المعروف, وبسط الوجه", كف الأذى أن تكف أذاك عن الناس, ما معنى أن تكف أذاك عن الناس؟ أي أذاك القولي وأذاك الفعلي, لا تؤذِ الناس بلسانك؛ فتبتعد عن الغيبة عن النميمة عن السب عن الشتم عن السخرية عن الاستهزاء بالآخرين, ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يبين من هو المسلم الحقيقي, من هو المسلم الذي يحبه الله ويرضاه, قال: "المسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده", يسلمون الناس من لسانه, فالذي ليس عنده كف اللسان الناس يتأذون من لسانه, يسب الناس ويشتم الناس ويلعن الناس, كثير من الناس على لسانهم دائمًا اللعن ويغتاب الناس, نقول لهذا الشخص أنت عندك تقصير في حُسن الخُلُق, لماذا ؟ لأنك لم تكف أذاك القولي عن الناس.
أو الأذى الفِعلي, الأذى الفعلي مثلًا الاعتداء على حقوق الآخرين, سفك الدماء بغير وجه حق, الزنا, السرقة, ضرب الناس, هذا كله يعتبر من الأذى الفعلي.
إذًا من تعريف حُسن الحُلُق: أولًا أن تكف أذاك القولي والفعلي.
ثانيًا من علامات حُسن الخُلُق: بذل المعروف, أن تبذل المعروف للناس, سواءً كان المعروف المالي المادي أو المعروف البدني أو المعروف -مثلًا- حتى في كلامك, فتساعد الناس وتُحسن إلى الناس وتبر الناس وتحاول أن تسد حاجة الناس, فإذا رأيت مثلًا رجلًا في الطريق قد تعطلت سيارته فتقف وتساعده, هذا من حُسن الخُلُق لأنك بذلت المعروف للناس, فالذي لا يبذل المعروف للناس هذا عنده نقص في حُسن الخُلُق.
الأمر الثالث من علامات حُسن الخُلُق التي ذكرها الإمام الحسن البصري قال: بسط الوجه, بسط الوجه أي الابتسامة, أنك تبتسم في وجوه الناس, وقد جعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن الإنسان الذي يبتسم في وجوه الناس جعل هذا الأمر من الصدقة "لا تحقرنّ شيئًا من المعروف ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق" فبعض الناس لا يبتسم في وجوه الناس, دائمًا مكشّر معبّس, ويظن هذا يدل على قمة الالتزام والتدين والتقوى والعبادة والزهد أنه دائمًا يسلم على الناس وهو عبوس قمطرير! نقول هذا الشخص عنده نقص في حُسن خُلُقه, والابتسامة لا تأخذ منك شيء يعني سانتيين في الشفة العليا ترفعها وسانتيين في الشفة السفلى, والناس سبحان الله جُبِلت على حب من يبتسم في وجهها, لو كان الإنسان وجهه قبيح مهما كان وجهه قبيح لكن دائمًا يبتسم في وجوه الناس, الناس يحبونه ويطمئنون إليه ويرتاحون إلى كلامه, أمّا لو كان الإنسان جميلًا ويعني بياض وجمال وعين جميلة وأنف جميل وكذا لكنه لا يبتسم في وجه الناس, الناس لا يحبونه, الناس لا يطمئنون إليه ولا يشتكون إليه ولا يقولون له أسرارهم الخاصة.
إذن نقول أحبابي الكِرام: حُسن الخُلُق له ثلاث علامات حتى تعرف نفسك: كف الأذى, بذل المعروف, بسط الوجه.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى .