من أخفى خبيئة ألبسه الله ثوبها
نظرت في الأدلة على الحق سبحانه و تعالىفوجدتها أكثر من الرمل، ورأيت من أعجبها:
أن الإنسان قد يُخْفِي ما لا يرضاه الله-عز وجل-، فيُظْهِرهالله-سبحانه-عليه
ولو بعد حين، ويُنْطِق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس،وربما أوقع صاحبه
في آفة يفضحه بها بين الخلق، فيكون جوابًا لكل ما أخفىمن الذنوب، وذلك
ليعلم الناس أن هنالك من يجازي على الزلل، ولا ينفع منقَدَرِهِ وقُدْرَتِه
حجاب ولا استتار، ولا يُضَاع لديه عمل.
وكذلك يُخْفِي الإنسان الطاعة فتظهر عليه، و يتحدث الناس بها و بأكثر
منها، حتى إنهم لا يعرفون له ذنبًا، ولا يذكرونه إلا بالمحاسن، ليعلم أن
هنالك ربًا لا يضيع عمل عامل.
وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه، أو تأباه، وتذمُّه، أو تمدحه
وفقما يتحقق بينه وبين الله-تعالى-، فإنه يكفيه كل هم، ويدفع عنه كل شر.
وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق دون أن ينظر إلى الحقِّ، إلا انعكس
مقصوده وعاد حامده ذامًا.
المرجع: صيد الخاطر
للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-