ليقال وقد قيل
تأمرهم وتنهاهم وأنت أسقطهم وأشقاهم.. "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" (البقرة: 44).
كم تال لكتاب الله منسلخ من آيات الله! كم من مذكر بالله ناسٍ لله! كم من مخوف بالله جرئ على الله! كم من داع إلى الله فار من الله! ذهبت الألفاظ والعبارات وبقيت الدموع والعبرات.
لا تكن كالنائحات المستأجرات تبكي وتُبكي والقلب منشغل بالكاميرات، سئل أحد الوعاظ: مالك كلما تكلمت بكى كل من يسمعك ولا يبكي من كلام واعظ المدينة أحد؟!! فقال: ليس النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، ردد خلف الفاروق قوله: "اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً"، وهذا صلة كلما دخل بيته سبحت معه آنية بيته، طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى، فالفكرة إنما تنجح إذا قوي الإيمان بها وتوفر الإخلاص في سبيلها وازدادت الحماسة لها ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها.. أركان أربعة: إيمان، وإخلاص، وحماسة، وعمل. فأساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد التقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي.
خرج إبراهيم الخوَّاص – رحمه الله – لإنكار منكر فنبحه كلب فمنع أن يمضي فعاد ودخل المسجد، وصلى ثم خرج فبصبص الكلب له فمضى، وأنكر فزال المنكر، فسُئل عن تلك الحال فقال: كان عندي منكر، فمنعني الكلب فلما عدت تبت من ذلك فكان ما رأيتم، قال مسلمة بن عبد الملك لخالد بن صفوان: أخبرني عن الحسن البصري، قال خالد: إنه امرؤ سريرته كعلانيته وقوله كفعله، إذا أمر بمعروف كان أعمل الناس به، وإذا نهى عن منكر كان أترك الناس له.
سر على درب المخلصين بواطنهم كظواهرهم، بل أجلى، وسرائرهم كعلانيتهم، بل أحلى، وهمهم عند الثريا، بل أعلى، إن عُرفوا تنكروا، وإن رئيت لهم كرامة، أنكروا، فالناس في غفلاتهم، وهم في قطع فلاتهم، تحبهم بقاع الأرض، وتفرح بهم أملاك السماء.
البرنامج العملي:
حدد عملاً وقم به لمدة أسبوع ثم أمر الناس به، مرهم وانهاهم وكن لله أخشاهم.
منقول ---