من اعترافات أسيرة فلسطينية محررة:
ضباط الاحتلال كانوا يخيروننا بين الاغتصاب أو الاعتراف!!
قدس نت
1\9\2004
تحدثت اسيرة فلسطينية محررة عن الجرائم التي ترتكب بحق الأسري والأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الصهيوني، وروت قصصاً أشبه بالخيال، تؤكد تجرد السجان الإسرائيلي من أدني المشاعر الإنسانية والضوابط الأخلاقية.
نور خالد ابو حجلة (23 عاما) من بلدة دير استيا قضاء سلفيت شمال الضفة الغربية كانت في السنة الثالثة بقسم أساليب التدريس في جامعة النجاح الوطنية عندما بدأت تجربتها الاعتقالية المريرة منذ ليلة اعتقالها بتاريخ 1/6/2002، إذ اقتحمت قوات إسرائيلية كبيرة السكن الجامعي الساعة الواحدة ليلا واعتقلتها مع ثلاث فتيات جامعيات، وهي تصف تلك اللحظات بالقول رغم الجو المرعب الذي كان يخيم علي عملية الاقتحام، إلا أني تمالكت نفسي وكنت جريئة ومنعت الجنود من المساس بي .
وتضيف وصلت معسكر حوارة مع أذان الفجر، وتم وضعي في خيمة وأنا مقيدة اليدين إلي الخلف، وبقيت علي هذه الحال مدة أربعة أيام متواصلة، لذلك لم أكن أستطيع النوم إلا علي بطني .
بدأ التحقيق مع نور في اليوم التالي لاعتقالها، ومع بدء التحقيق بدأ التعذيب يأخذ شكلا آخر، فقد بادرتها المجندات بالضرب علي رأسها واجبرنها علي القيام بأعمال شاقة مما تسبب لها بنزيف شديد فقدت بسببه كميات من الدم، وعندما طلبت العلاج الطبي كان الجواب الرفض، وأعيدت إلي الخيمة وهي فاقدة الوعي، ثم أعيدت إلي التحقيق مرة أخري لتكتشف أن ما لاقته في اليوم السابق من تعذيب ليس سوي تمارين قبل أن يبدأ التعذيب الحقيقي، فقد كان التعذيب هذه المرة اشد مما سبقه، فتم ضربها بأعقاب البنادق بعنف علي ساقيها، ثم يخيرها ضابط المخابرات صراحة بين الاغتصاب أو الاعتراف.!!
وعن ذلك تقول نور كانت الاعترافات جاهزة، وقال لي الضابط: بالنسبة لنا ليس هناك أي شيء محرم، أما أنت فليس أمامك سوي الاعتراف أو أن أغلق عليك الباب مع احد الجنود.. وهذا ليس في صالحك كمسلمة .!!
ومن أصعب تجاربها خلال وجودها في معسكر حوارة الحرب النفسية التي تعرضت لها، ومن أمثلة ذلك وضع كلب في فراشها مما أثار الرعب في نفسها بعد أن شعرت بوجود شيء ما يتحرك داخل الفراش، وكذلك الجلسات الجنسية التي كان يجلسها الجنود مع المجندات في ساعات الليل وعلي مرأي الأسيرات. وبعد أن وقعت علي الاعترافات المدونة، نقلت نور إلي سجن بتاح تكفا لتكون الأنثي الوحيدة في الزنازين التي قضت فيها أربعة أيام أخري ذاقت فيها صنوف العذاب حيث كان التحقيق يتواصل لأكثر من 12 ساعة دون توقف، وما زاد من تفاقم الألم وجود هواء بارد صادر عن المكيّف، بالإضافة إلي ملابسها الغارقة بالدماء، ولم يسمح لها بأخذ حمام إلا بعد ثمانية أيام من اعتقالها، حيث أعطيت مهلة خمس دقائق للاستحمام وإذا تأخرت فسيتم فتح الباب، فوافقت علي ذلك ولكنها اضطرت للبس الملابس ذاتها، بسبب ضيق الوقت من جهة، وعدم توفر غيارات من جهة أخري.
وفي بتاح تكفا تراجعت نور عن اعترافاتها السابقة التي أقرت بها في معسكر حوارة، وكان مبررها أن تلك الاعترافات انتزعت منها بالقوة وتحت التعذيب والتهديد والضغط النفسي. وتصف نور الأيام الثمانية الأولي من اعتقالها بالجحيم، وتقول انها مرت عليها كثمانية أعوام، فالمحققون جميعهم من الرجال، وألسنتهم لا تتلفظ بغير الشتائم والألفاظ النابية، فضلا عن أساليب التعذيب النفسي والجسدي.
وانتقلت نور بعد تلك الأيام الثمانية إلي سجن الجلمة، حيث أصرت علي رفض وضعها في الزنازين، فتم وضعها لوحدها داخل غرفة بالسجن، وقُدمت خلال وجودها في الجلمة إلي المحاكمة أكثر من مرة لتصدر المحكمة في نهاية المطاف حكمها علي نور بالسجن لمدة عامين وأربعة شهور بتهمة الانتماء لحركة لجهاد الإسلامي والنشاط في جناحها العسكري سرايا القدس، وفي 3/7/2002 نقلت إلي سجن الرملة للنساء لتمضي فترة محكوميتها.
وخلال عامين من الاعتقال في الرملة، عايشت نور العديد من صور الإذلال والامتهان للكرامة الإنسانية، وتحدثت عن نوع مختلف من التعذيب ضد الأسيرات داخل السجون الإسرائيلية، ليس كباقي أنواع التعذيب، فهو يتمثل بوجود سجينات جنائيات يهوديات في غرف مجاورة ومكشوفة مما يعرض الأسيرات الفلسطينيات لاستفزازاتهن واعتداءاتهن، خاصة وان السجينات لا يتورعن عن ممارسة أبشع الرذائل، ولا سيما ممارسات جنسية شاذة، علي مرأي الأسيرات، فضلا عن ملابسهن الفاضحة، وتزداد المصيبة عندما تعلم أن إدارة السجن أوكلت لهؤلاء السجينات مهمة إعداد وجبات الطعام للأسيرات الفلسطينيات. ومن بين الاعتداءات التي تقوم بها السجينات الجنائيات اليهوديات ضد الأسيرات الفلسطينيات رشهن بالكلور أو بماء ممزوج بعصير الليمون والفلفل الحار مما يسبب للأسيرات الحروق والآلام الشديدة. أما اشد أنواع التنكيل التي تتعرض لها الأسيرات، فهو أسلوب التفتيش العاري، إذ يتم ارغام الأسيرة علي خلع جميع ملابسها بالكامل وتقوم المجندات بتفتيش جسدها ووضع أجهزة تفتيش الكترونية في أماكن حساسة بحجة البحث عن أجهزة الهاتف الخلوي.
هذا وتخوض الاسيرات الفلسطينيات مع باقي الاسري الفلسطينيين الاضراب المفتوح عن الطعام منذ منتصف الشهر المنصرم، وتؤكد نور التي عاشت أربعة أيام مع زميلاتها في الإضراب عن الطعام أنهن ورغم هزال أجسادهن واصفرار وجوههن، إلا أنهن يتمتعن بمعنويات عالية، وهن متمسكات بالإضراب حتي الموت أو الكرامة .
وتحدد نور أهم مطالب الأسيرات اللائي يَسعيْن لتحقيقها من خلال الإضراب وأهمها وقف أسلوب التفتيش العاري، وتحسين الطعام كما ونوعا، ووقف الغرامات المالية التي تفرض علي الأسيرات لسبب ودون سبب، والسماح للأطفال تحت سن 9 سنوات بمعانقة أمهاتهم الاسيرات كما كان معمولا به في السابق. وتؤكد نور وجود تقصير كبير من جانب جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية والصليب الأحمر والمحامين تجاه الأسيرات، حيث تتلهف الأسيرات لزيارة المحامين لمعرفة ما يجري في العالم الخارجي ولنقل معاناتهن إلي الخارج. وتعتبر نور أن صفقات تبادل الأسري السابقة كان يجب أن تشمل الأسيرات بشكل جدي، وتشير الي أن الأسيرات علقن آمالا كبيرة علي صفقة التبادل الأخيرة التي تمت بين حزب الله ودولة الكيان العبري، وان الكثير منهن جهزن أنفسهن للخروج، لكنهن صدمن بعدم شملهن في الصفقة.
وتضيف أن الأولوية في أي صفقة تبادل أسري ينبغي أن تكون للأسيرات وخاصة الأمهات منهن وذوات الأحكام العالية، إذ كيف يقبل شعب بأن تبقي نساؤه في قبضة عدو ليس لديه رحمة أو أخلاق.
وتروي نور تفاصيل التجربة الاعتقالية للأسيرة ميرفت طه من القدس التي حكمت بالسجن أربع سنوات ووضعت ابنها وائل داخل أسوار السجن. وتقول نور إن ميرفت شعرت بالحمل بعد أيام من اعتقالها، وتم وضعها بعد الولادة في غرفة تم تفريغها من السجينات الجنائيات، ولم تتلق أية رعاية صحية. وتضيف نور أن ميرفت وضعت مولودها وهي مقيدة ومربوطة بالسرير، وتمت إعادتها إلي السجن لوحدها في نفس اليوم وتم إحضار مولودها في اليوم التالي ومعه كيس فوط متعفن فطلبت الأسيرات من الإدارة استبدال الكيس بآخر جديد، لكنها كانت تماطل في ذلك. ويعيش وائل ابن السنة ونصف السنة الآن حياة الأسيرات بكل تفاصيلها، وتضطر والدته لإطعامه من طعام الكبار، أما الألعاب فهي محرمة علي طفل في عمره، فقد منعت الإدارة أكثر من مرة إدخال الألعاب، وحتي عندما حاولت الأسيرات التغلب علي المشكلة من خلال صنع ألعاب يدوية، كانت الإدارة لهم بالمرصاد فصادرتها منهم بحجة الخوف من إخفاء أجهزة هاتف خلوي بداخلها، لكن وائل وجد ضالته أخيرا بالملاعق والصحون، فاستلها وحولها إلي أدوات موسيقية يعزف عليها سيمفونية الطفولة الضائعة.
أما ملابسه فهي أيضا تثير حفيظة المحتلين، فتحدد الإدارة كمية الملابس المسموح له الاحتفاظ بها داخل السجن، ورفضت ذات مرة إدخال عشرة أطقم أحضرتها جدته خلال الزيارة، أما والده فرغم زياراته المتكررة له إلا انه محروم من احتضانه وضمه إلي صدره وفق قوانين السجون الإسرائيلية. وأكثر ما يؤرق ميرفت طه، كما تقول نور، هو تاريخ الثامن من شباط (فبراير) عام 2005، ففي ذلك اليوم سيكمل وائل عامه الثاني، وستقوم إدارة السجن بانتزاعه من بين أحضان أمه لتخرجه وتسلمه إلي والده، بينما هي ستبقي داخل أسوار السجن.
منقول