<span style='colorarkred'><div align="center">السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
كان هناك رجلاً مريضاً بمرض لم يُعرف له علاج لأكثر من عشر سنوات، فكلما جلس في مكان قال له الناس:
"رائحتك كريهة"... ألا تستحم؟!
فبرغم أنه يتردد على الحمام عدة مرات، ويغتسل بأغلى العطور.. إلاّ أن هذه الوسائل لم تُجْدِ معه شيئاً، فلا يكاد يخرج إلى الناس
حتى يتحول إلى نتن يهرب منه الصديق قبل العدو..
فتردد على الأطباء ليفحص الأنف والجيوب والحلق والأسنان واللثة، والأمعاء.. وكانت النتيجة:
لا مرض ولا سبب عضوياً لهذه الرائحة الكريهة.
وشاء الله أن يذهب في رحلة عمل مع رجل صالح فحكى له حكايته فقال له ذلك الرجل الصالح:
- هذه ليست رائحة جسدك.. ولكن رائحة أعمالك؛ فتعجب صاحبنا قائلاً: وهل للأعمال رائحة؟!!!
فقال له الرجل: يبدو أن الله أحبك وأراد لك الخير، وأحب أن يمهّد لك الطريق للتوبة.
فقال له: والله إن حياتي مليئة بكل شيء، فأنا أختلس وأزني وأسكر وآكل الربا وأقارف المنكرات.
فقال الرجل: أرأيت.. فهذه رائحة أعمالك.
فقال له: ولكن ما الحل؟!
قال الرجل: الحل واضح، أن تصلح أعمالك وتتوب إلى الله توبة نصوح.
ولأن الله تعالى إذا أراد شيئاً هيأ له أسبابه ويسّر طريقه، فقد تاب الرجل حقاً وأقلع عن كل المنكرات.. ولكن بقيت الرائحة كما هي..
فعاد إلى صاحبه: مرة أخرى ولكن في هذه المرة يبكي إليه فقال له صاحبه:
لقد أصلحت أعمالك الحاضرة.. أما أعمالك الماضية فقد أصابت منك مقتلاً... ولا خلاص إلا بمغفرة.
فقال له: وكيف السبيل إلى المغفرة.
فقال له: نعم لقد أقلعت عن المعاصي، ولكن لا بد من الندم على ما فات وعلى ما فرّطت في سالف الوقت.
ثم اعلم أن الحسنات يُذهبن السيئات فتصدق وحج البيت حجاً مبروراً فالحج يخرج صاحبه من الذنوب كيوم ولدته أمه
واسجد لله.. وابكِ على خطيئتك.
... وتصدق الرجل وخرج إلى الحج وبكى أياماً مضت وسنين خلت...
وظل حاله على ما هو عليه تعافه حتى الهوام .. فخلد إلى نفسه يعاتبها تارة ويحاسبها أخرى حتى غشيته حالة من الانكسار لله
والتذلل له والندم على حياته.
فأجهش بالبكاء حتى لا يكاد يُعرف صوته فجاءه صديقه قائلاً:
هل تبكي على خطيئتك ومعصيتك، أم إنك تبكي القدر وتتهم العدالة الإلهية في حظك؟.. فهل ترى أن الله كان عادلاً في حقك؟!
فقال له: لا أفهم ما تقول؟
فقال الرجل: إن عدل الله أصبح محل شبهة عندك.. فقلبت الموازين فجعلت الله مذنباً وتصورت نفسك بريئاً..
وبهذا كنت تزيد إلى الذنوب ذنوباً، في الوقت الذي ظننت فيه أنك تحسن العمل.
فقال له: ولكني أشعر أني مظلوم!!!
فقال الرجل: لو اطلعت على الغيب لوجدت نفسك تستحق عذاباً أكبر، ولعرفت أن الله الذي ابتلاك رحيم لطيف بك...
ولكنك اعترضت على ما تجهل واتهمت ربك بالظلم.. فاستغفر وطهر قلبك وأسلم وجهك.. فإنك بالرغم من صلاتك وصومك
وتوبتك وحجك لم تُسلم بعد.
فقال له: كيف.. ألستُ مسلماً؟!
فقال الرجل: نعم، الإسلام هو الاستسلام قبل كل شيء... ولا يكون ذلك إلا بالقبول وعدم الاعتراض والاسترسال لله في مقاديره
وعندما يستوي عندك المنع والعطاء، وعندما ترى حكمة الله ورحمته في منعه كما تراها في عطائه، فلا تغترّ بنعمة
ولا تعترض على حرمان.. فعدل الله واحد في جميع الأحوال... عندها قل "لا إله إلا الله".. ثم استقم..
فقال له: ولكني أقول "لا إله إلا الله"... في كل وقت.
فقال الرجل: نعم، تقولها بلسانك.. ولا تقولها بقلبك ولا تقولها بموقفك وعملك.
فقال له: كيف؟!
فقال الرجل: إنك تناقش الله وكأنك إله مثله، وتحاسبه وكأنك نِدّ له فتقول: استغفرت فلم تغفر لي.
سجدت فلم ترحمني... بكيت فلم.. ... صليت فلم.. حججت فلم..
ثم أخذ صاحبه بيده وقال: يا أخي هذا ليس توحيداً.. التوحيد أن تكون إرادة الله هي عين ما تهوى، وفعله عين ما تحب...
التوحيد هي أن تقول: نعم لهذا الدين وتصدع بما تؤمر ... وتُعرض عن المشركين.. لأن "لا إله إلا الله" تعني أنه هو الوجود..
وأنت العدم، فلا عادل ولا رحيم ولا حق سواه... عندها، عندها فقط يسجد قلبك قبل جسدك ويحمد فؤادك قبل لسانك..
عندها فقط الزم....... الآن وقد عرفت فالزم وقل "لا إله إله الله".. ثم استقم.
فبكى الرجل ثم بكى ثم بكى ثم بكى...
وقال: " لا إلـــــــــه إلا الله "
فتضوّع الياسمين... وانتشر العطر وملأ العبير الأجواء.. وتلفت الناس وقالوا:
مَن هناك ؟ مَنْ ذلك الملَك؟
فقال الرجل: بل هو رجل عرف الله...
تحياتى لكم</div></span>