كيف ننقي النفس من الرياء ؟
لا شك أن أول شيء في الإيمان هو توحيد الله تعالى وتنزيهه، وتوحيد الله تعالى لابد أن يتبعه توحيد الوجهة وإخلاص العمل، فالمسلم لا يدعو إلا الله، ولا يُحل إلا ما أحله الله، ولا يُحرّم إلا ما حرّم.
إنّ نعم الله على العباد لا تُحصر، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي:
ابن آدم ما أنصفتني، أتحبب إليك بالنعم وتتبغض إليّ بالمعاصي، خيري إليك نازل وشرك إليّ صاعد
.
ألا وإن من نعم الله تعالى علينا، أن هدانا للإيمان والطاعة، أن أغنانا من فقر، وأعزنا من ذِلة.
إن مقام الله تعالى يستحق منا كل توقير وإجلال، فنعَمُ الباري عز وجل فوق الحصر، وبين كل نفَس ونفَس تنزل نعم، وتترادف أفضال.
لكن الجحود لا يزال قائما
،
ولإعادة الحياة إلى الناس
،
يجب أن نجعل الإيمان منظومة حياة
،
وروح أمة
،
وأنموذج ارتقاء
.
فإذا كانت النعم المنهمرة على الناس لا توقظ القلب
،
فإننا في حاجة ماسة لزيادة الجرعات الروحية لأنفسنا
،
كي نقوّم معارفنا بربنا
،
ونقوّي عقائدنا وعزائمنا
.
قال العلماء
، المحبة في ثلاثة أشياء، لا يسمى المحب محبًا لله عز وجل إلا بها:
محبة المؤمنين، وعلامة ذلك
:
كف الأذى عنهم
، وجلب المنفعة إليهم. ومحبة الرسول، وعلامة ذلك اتباع سنته.
ومحبة الله عز وجل، في إيثار الطاعة على المعصية.
هكذا تكون حدود الإيمان ويكون منتهاه، لكن هناك عوائق تعترض طريق الإيمان، وآفات تشوه وجه الإخلاص الجميل.
العقبة الكبرى
ولا شك أن الرياء هو العقبة الكبرى
،
فالإخلاص أن نعمل العمل لا نبتغي
إلا وجه الله،
ولا نطلب
إلا ثوابه عز وجل.
أما الرياء فهو ضد الإخلاص
،
لأن معناه إرادة العباد
بطاعة الله، وورد في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أنا أغني الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه
(رواه مسلم).
لكن ما دوافع الرياء ؟
وما الذي يوقظه في القلب ؟
الدوافع تتمثل في حب الحمد من الناس، وخوف ذمّهم، وطلب الدنيا.
أما علاج هذه الصفات الثلاث فمعرفة كونها خدعة وغروراً، إنها تضر الضرر الأكبر ولا تنفع صاحبها، فإذا تأملتها وجدتها لا تجلب منفعة ولا تدفع مضرة
.
فحب حمد الناس بشيء يغضب الله، معناه التحبب إليهم والتبغض إلى رب الناس، والتقرب إليهم والبعد عن الله عز وجل، وطلب رضاهم والسخط من رب العالمين.
فإذا عرفنا معنى الإخلاص لله، فقد أمسينا في غَناء عمن سواه، فمنه وحده المعونة ومنه سبحانه التوفيق والرشاد.