لطائف الإسناد - العلاقات بين الرواةيُقصد بالعلاقات بين الرواة في الإسناد الواحد: الأوصاف التي تميّز أحد الراويين عن الآخر، أو السمة الموجودة في أحد الراويين وليست موجودة في الراوي الآخر، كالكبر والصغر والتقدم والتأخر وأمثالهما، ومن ذلك: رواية الأكابر عن الأصاغر، ورواية الآباء عن الأبناء، ورواية الأبناء عن الآباء، ورواية الأقران، ورواية السابق عن اللاحق، ورواية المدبّج.
وقد اهتم علماء الحديث ببيان مثل هذه العلاقات رغبة منهم في زيادة الضبط والإتقان، وتلافيًا لما قد يقع من توهمٍ إذا جاء الإسناد على وجه مخالف لما هو معتاد عليه في الغالب، وسنعرض لبيان كل نوع من تلك العلاقات وأمثلتها، مع ذكر الفائدة من معرفة كل نوع منها.
رواية الأكابر عن الأصاغر
الأكابر جمع أكبر، والأصاغر جمع أصغر، والمقصود رواية الكبار عن الصغار، وهي أن يروي الكبير في السن أو القدر عمن هو دونه في كل منهما أو فيهما.
ومن أجلّ ما يذكر في هذا الباب: ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عن تميم الداري رضي الله عنه مما أخبره به عن رؤية الدجال في تلك الجزيرة التي في البحر، والحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وأما فائدة معرفة هذا النوع من الرواية فهي أن لا يُعتقد أن المروي عنه أفضل وأكبر من الراوي لكونه الأغلب؛ وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم" رواه ابن خزيمة في صحيحه.
وهناك فائدة أخرى وهي أن لا يعتقد أن في السند انقلابا؛ لأن العادة جرت برواية الأصاغر عن الأكابر، ثم إن ذلك يقع على أضرب:
- أن يكون الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة من المروي كالزهري في روايته عن مالك، أو يحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك.
- أن يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه بأن يكون حافظا عالما والمروي عنه شيخا راويا فحسب، كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار.
- أن يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعا (السِّن والقدْر)، ومن ذلك: رواية الصحابي عن التابعي كرواية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار، ورواية البرقاني عنالخطيب.