فلاشات إعلامية !!
الاثنين 21, ديسمبر 2009
لجينيات ـ لا أدري كيف يستطيع القارئ أن يجد ما يروي عطشه مع حجم المأساة التي خلفتها سيول جدة عندما يطالع ما تبرزه صحافتنا الغراء من صور الفنانين ومشاركاتهم الاجتماعية التطوعية على حد قول الصحيفة.. ثم إثبات ذلك بعدة صور لتأكيد الخبر.
وحاولت التأمل في جميع تلك الصور من زوايا الخبر وحتى لا أكون مفتئتًا أو متجنيا ..أو أن يظن القارئ اللبيب أن لدي نزعة استقصاء في مقالتي:
إليكم هذا الخبر.. وأرجوا أن تشاركوني في استخلاص ولو فائدة واحدة تعود بالنفع للمتضررين من هذه من الزيارة :
(( شاركت الرياضية في الدور الإنساني تجاه متضرري سيول جدة في تأكيد على البعد الاجتماعي وارتباط الرياضة به . حيث وثق قائد فريق الاتحاد محمد نور الحضور الرياضي بمشاركته إلى جوار نجوم الفن والمثقفين للوقوف إلى جانب المتضررين في حملة بدأت من على ضفاف البحر الأحمر بجدة وسارت إلى شرقها نحو كليو 14 ..
وتمازج الرياضية والفن مع بعضهما .. ودار حديث طويل بين إخطبوط الفن الأهلاوي المعروف عبادي الجوهر مع أسطورة الكرة قائد فريق الاتحاد محمد نور ، وأخذ الحديث بينهما منحى إنسانيا في تأكيد على دور النجوم في التفاعل مع أحداث المجتمع ))
انتهى الخبر طبعا ولم أجد في ثناياه ما يدل على هذا التفاعل سوى أنها كانت نزهة بحرية خالصة ولقاء حميم بين رواد الفن والكرة.. شاءت إرادة الله أن تجمهعم مصيبة جدة ..
ولا أدري ما الذي أضافه هؤلاء للمنكوبين والمكلومين من خلال الزيارة ..خاصة عندما يقرون أنها بدأت من على ضفاف البحر !!
ثم ماذا قدم هؤلاء ؟ وما طبيعة المشاركة ؟ هل هي إغاثية أم نفسية تربوية أم فنية أم ... ؟! خاصة ونحن لم نشاهد إلا أصدقاء في صورة فلاشية هزيلة ليس لها قيمة فعلية أو دور اجتماعي !!
ثم يأتي خبر لا يقل إضحاكاً عن سابقه وهو زيارة أبطال المسلسل الشهير (بيني وبينك) في مؤازرة الأحياء المنكوبة .. وتُوجت هذه الزيارة بكمٍّ من الصور والابتسامات وكأنها صور دعائية لمسلسل أو فيلم سيعرض مستقبلاً.. لكن ما يمكن أن أقوله لهؤلاء الأبطال : "سعيكم مشكور"..
وبالطبع كان للإعلام الدور الأكبر في إخراج هذا النمط وهذه الصورلتكون شاهداً على الدور الإقصائي .. وقلب الحقائق وقتل الجهود الحقيقة الميدانية وإبرازشخصيات استفادت من الحدث.. كيما تدخل التاريخ !!
ولست ضد أشخاص .. لكني ضد مبدأ أن تُستغل دموع المصابين وبقايا أحزان المكلومين لإظهار كل من يريد أن يعلو ويبرز على حساب الأشلاء والدموع ..
والصورة الأخرى هي تجاهل الإعلام لحجم التفاعل المؤثر والدور الإيجابي الذي قامت به جمعيات خيرية في جدة كان لها قصب السبق في تخفيف الفاجعة.. وقد رأيت بعيني كم يسهر هؤلاء ..
بل يواصلون الليل بالنهار من أجل المساهمة الفعالة المثمرة.. وهناك قصص عجيبة من التضحيات التي قدمها أفراد هذه الجمعيات الخيرية
من المرابطة الميدانية وقد تركوا أهليهم من أجل المساهمة بكل ما يملكون .. لم يكونوا طبعا بكامل أناقتهم .. لم تحملهم حافلات مريحة للتنقل بين الأحياء المنكوبة بقدرما حملتهم أقدامهم في الوحل والطين ..
لم ترافقهم كاميرات المصورين في الفضائيات أو الصحف لالتقاط العديد من الفلاشات.. بل كانت هناك عين الله تحيطهم .. وتذكرت عندئذ مقولة عمر الفاروق لما جاءه من يخبره بمقتل أكابر الصحابة في إحدى المعارك .. ثم عدد الرجل أسماء رجال قتلوا في المعركة لكن عمرلايعرفهم .. وهناك أجاب الفاروق : ( وما ضرهم ألا يعرفهم عمر )
نعم لا يضر هؤلاء الأفذاذ ألا يعرفهم أحد ..
وهنا أشيد أيضا بالدور الفعال الذي قام به مجموعة من الدعاة في جدة من خلال جولات ميدانية فعلية حقيقية شاركوا فيها إخوانهم في منازلهم وأماكن تواجدهم لمواساتهم وتقديم الدعم الإيماني والنفسي في التخفيف عنهم وتضميد جراحهم .
فاللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه .. وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ..
بقلم / عادل بن عابد الجهني