خطبه الجمعه من المسجد الحرام
28-9-1430 هـ
القاهافضيله الشيخ دصالح ال طالب
عنوانها تعظيم الله في القلوب
الخطبة الأولى :
الحمد لله .. الحمد لله الذي لا يحيط بحمده حامد ولا توفي قدره بليغ المحامد ، سبحانه فلا يعبده حق عبادته عابد ولو قضى عمره قانتاً لله وهو راكعٌ أو ساجد ..
الحمد لله عظيم الشان واسع السلطان مدبر الأكوان .. في ملكه تسبح الأفلاك وحول عرشه تسبح الأملاك : وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِالإسراء 44.. لوجهه سبحات الجلال ، وهو الجميل الذي له كل الجمال ..
والله لو كان البحر محابر والسموات السبع والأرضون دفاتر فلن تفي في تدوين فضله وأفضاله ولن تبلغ في بيان عظمته وبديع فعاله ..
الله .. كريم الاسم عليُّ الوصف .. سبحت له السموات والأرض ومن فيهن .. والطير قابضات وصفّ .
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. أصدق كلمة فاهت بها الشفاه وخير جملةٍ نطقت بها الأفواه ..
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله العارف بالله حقاً والمتوكل عليه صدقاً .. المتذلل له تعبداً ورقاً ، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار ، وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد :
أيها المسلمون : فتقوى الله - تعالى - خير وصيةٍ وخير لباسٍ وأكرم سجية : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَآل عمران 102 .
من اتقى الله وقاه .. ومن خانه هتك ستره وابتلاه .. الواقف بغير باب الله عظيمٌ هوانه .. والمؤمل غير فضل الله خائبةٌ آماله .. والعامل لغير الله ضائعةٌ أعماله .
الأسباب منقطعةٌ إلا أسبابه ، هو الله الذي يُخشى وهو الله الذي يُرجى .. وأهل الأرض كل الأرض - لا والله - ما ضروا ولا نفعوا ولا خفضوا ولا رفعوا : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْمحمد19 .
أيها المسلمون .. أيها المتعبدون .. أيها الصائمون القائمون : وأنتم في ختام شهر رمضان قد كلت منكم الأجساد وتطاول ليل العباد وظمأت في النهار حلوق الصوام وتطلعتم إلى الختام .. فإن خلقاً من خلق الله امتلأت قلوبهم بمعرفته وفاضت نفوسهم بتعظيمه .. بذلوا صالحاً أضعاف ما بذلتم وعبدوا الله فوق ما عبدتم ورأوا أنهم لم يفعلوا شيئاً ..
وقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن ما في السموات السبع موضع قدمٍ ولا شبرٍ ولا فترٍ إلا وفيه ملكٌ قائمٌ أو ملكٌ راكعٌ أو ملكٌ ساجد ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أننا لا نشرك بك شيئاً .
أيها المسلمون : تعظيم الله في القلوب وإجلاله في النفوس والتعرف على آلائه وأفضاله وقدره حق قدره هو - والله - زاد العابدين وقوة المؤمنين وسلوى الصابرين .. وهو سياج المتقين .
من الذي عرف الله فاستهان بأمره أو تهاون بنهيه ، ومن ذا الذي عظمه فقدم عليه هواه وما قدره ما غدا عنه لاه ؛ فالله - سبحانه - يُعبد ويُحمد ويُحب لأنه أهلٌ لذلك ومستحقه ، بل ما يستحقه - سبحانه - لا تناله قدرة العباد ولا تتصوره عقولهم ؛ لذلك قال أعرف الخلق بربه – صلى الله عليه وسلم – كما في الحديث الصحيح : " لا أحصي ثناء عليك أنت كماأثنيت على نفسك " ، وفي الصحيحين : " ولا أحد أحب إليه المدح من الله " ؛ ولذلك مدح نفسه .
أيها المسلمون : ربكم الذي تعبدون وله تصلون وتصومون وإليه تسعون وتحفدون ربٌّ عظيم .. له من صفات الكمال والجلال ما يفوق الوصف والخيال : وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراًالإسراء111.
لا إله إلا الله العظيم سبحت له الأفلاك وخضعت له الأملاك :سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌالحديد 1- 3 .
سبحانه وبحمده .. كيف لا يستولي حبه على القلوب وكل خيرٍ منه نازل وكل فضلٍ إليه ؛ فمنه سبحانه العطاء والمنع .. والابتلاء والمعافاة .. والقبض والبسط .. والعدل والرحمة .. واللطف والبر .. والفضل والإحسان .. والستر والعفو .. والحلم والصبر .. وإجابة الدعاء وكشف الكربة وإغاثة اللهفة ، بل مصارف الخلق كلهم جميعاً لديه ..
وهو أكرم الأكرمين .. وقد أعطى عبده فوق ما يؤمله قبل أن يسأله .. يشكر قليلاً من العمل وينميه ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه ؛ فكيف لا تحب القلوب من لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يذهب بالسيئات إلا هو ؟
يجيب الدعوات ويقيل العثرات ويغفر الخطيئات ويستر العورات ويكشف الكربات ؛ فهو أحق من ذُكر وأحق من شُكر وأحق من عُبد وحُمد وأوفر من ابُتُغي وأرأف من ملك وأجود من سُئل وأوسع من أعطى وأرحم من استرحم وأكرم من قصد وأعز من الُتجأ إليه وأكفى من تُوكل عليه ..
أرحم بعبده من الوالدة بولدها وأشد فرحاً بتوبة التائب من فرح من وجد ناقته بعد فقدها وعليه طعامه وشرابه في أرض مهلكة ..
فسبحان الله وبحمده .. هو الملك لا شريك له والفرد لا ند له : وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَالقصص 88
لن يطاعَ إلا بإذنه .. ولن يعصى إلا بإذنه .. يطاع فيشكر ويعصى فيعفو ويغفر ؛ فهو أقرب شهيد وأجل حفيظ وأوفى بالعهد وأعدل قائمٍ بالقسط ، حال دون النفوس وأخذ بالنواصي وكتب الآثار ونسخ الآجال ؛ فالقلوب له مفضية والسر عنده علانية ، والغيب لديه مكشوف وكل أحدٍ إليه ملهوف ..
عنت الوجوه لنور وجهه وعجزت العقول عن إدراك كنهه .. أشرقت لنور وجهه الظلمات واستنارت له الأرض والسماوات وصلحت عليه جميع المخلوقات ..
أزمة الأمور كلها بيده ومَرادُّها إليه ، مستوٍ على سرير ملكه لا تخفى عليه خافيةٌ في أقطار مملكته .. تصعد إليه شئون العباد وحاجاتهم وأعمالهم فيأمر - سبحانه - بما شاء فينفذ أمره ويغلب قهره يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍالرحمن 29.
يغفر ذنباً ويكشف كرباً ويفك عانياً ويجبر كسيراً وينصر ضعيفاً ويغني فقيراً ، يحيي ويميت .. ويُسعد ويشقي ، ويُضل ويهدي .. ويُنعم على قوم ويسلب نعمته عن آخرين .. ويعز أقوامًا ويذل آخرين :هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُالحشر 22 - 23
له القدرة المطلقة والإرادة التامة .. كلم موسى تكليماً وتجلى للجبل فجعله دكاً هشيماً ، وهو سبحانه فوق سمواته لا تخفى عليه خافية .. يسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء .. لا تشتبه عليه الأصوات مع اختلاف اللغات وتنوع الحاجات ، ولا تتحرك ذرة في كونه إلا بإذنه وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍالأنعام59
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِالبقرة 256
حجابه النور .. لو كشف وجهه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره ، فإذا كانت سبحات وجهه الأعلى لا يقوم لها شيءٌ من خلقه فما الظن بجلال ذلك الوجه الكريم وجماله وبهائه وعظمته وكبريائه ؛ لذا كان أعظم نعيم أهل الجنة التلذذ بالنظر إلى وجهه الكريم - جل جلاله - وهو موقفٌ عظيم يتجلى فيه كبرياء الله وعظمته وجماله وجلاله .
أيها المسلمون : وفي موقفٍ آخر دلت على بعضه آياتٌ من القرآن وأحاديثٌ من السنة .. أورد ابن كثير – رحمه الله – : أنه " حين ينفخ إسرافيل في الصور نفخة الصعق فيموت أهل السموات والأرض ويجيء ملك الموت فيسأله ربه - وهو أعلم - من بقي ؟ فيقول : بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقي حملة العرش وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا ، فيأمره ربه بقبض أرواحهم ، ثم يقول – وهو أعلم – من بقي ؟ فيقول ملك الموت : يارب بقيت أنت الحي الذي لا يموت .. وبقيت أنا ، فيقول الله – عز وجل - : أنت خلقٌ من خلقي فمُتْ فيموت ..
فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار - كان آخراً كما كان أولاً - طوى السموات والأرض طي السجل للكتب ثم دحاها، ثم يقول : أنا الجبار .. أنا الجبار .. أنا الجبار (ثلاثاً) ، ثم هتف بصوته : لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ ثم يجيب نفسه بنفسه : لله الواحد القهار ..
ثم يبدل الله الأرض غير الأرض والسموات فيبسطهما ويسطحهما ثم يمدهما ، ثم يزجر الله الخلق كلهم زجرة فإذا هم في هذه الأرض المبدلة ؛ فيحي الخلق .. فيقف الناس موقفاً واحداً مقداره سبعون عاماً لا ينظر إليهم ولا يقضي بينهم حتى يشفع فيهم محمدٌ – صلى الله عليه وسلم – " .
وروى ابن كثير بسنده : أن رسول الله محمداً – صلى الله عليه وسلم – يقول : " فأرجع فأقف مع الناس ، فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حساً من السماء شديداً .. فهالنا ، فنزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس .. حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم وقلنا لهم : أفيكم ربنا ؟ قالوا : لا .. وهو آتٍ ، ثم ينزل من أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة وبمثلي من فيها من الجن والإنس .. حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت بنورهم وأخذوا مصافهم وقلنا لهم : أفيكم ربنا ؟ فيقولون لا .. وهو آتٍ ، ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف من كل سماء ..
حتى ينزل الجبار - جل جلاله - في ظُللٍ من الغمام والملائكة ، فيحمل عرشه يومئذٍ ثمانية أقدامهم في تخوم الأرض السفلى والأرض والسموات إلى حجزتهم والعرش على مناكبهم .. لهم زجل في تسبيحهم يقولون : سبحان ذي العرش والجبروت .. سبحان ذي الملك والملكوت .. سبحان الحي الذي لا يموت .. سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت .. سبوحٌ قدوس رب الملائكة والروح " .
أيها المسلمون : والله أعظم شاناً وأعز سلطاناً ، ولكن الذنوب التي رانت على القلوب حجبت تعظيم الرب في النفوس وأضعفت وطره في القلوب ، ولو تمكن وطر الله وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معاصيه أبداً .. فإن عظمة الله – تعالى – وجلاله في القلب تقتضي تعظيم حرماته والاستسلام لحكمه وأمره ونهيه ، وهذا التعظيم يحول بينك وبين الذنوب .
والمتجرئون على معاصي الله ما قدروا الله حق قدره ، وكفى من عقوبات الذنوب أن تضعف هذا التعظيم في القلب حتى يستمرئ المخذول المعاصي فيهون على الله فيرفع الله مهابته من قلوب الخلق ويستخفُّون به كما استخفَّ بأمر الله ..
وقد ذكر الله – تعالى – أنه غطى على قلوب المصرِّين على الذنوب وطبع عليها .. وأنه نسيهم كما نسوه وأهانهم وضيعهم كما ضيعوا أمره ؛ لهذا قال - سبحانه - في آية سجود المخلوقات له : وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍالحج 18
فعلى قدر خوفك من الله يهابك الخلق .. وعلى قدر تعظيمك لله يعظمك الخلق .. وعلى قدر محبتك لله يحبك الخلق ، وإنما يستدفع البلاء بالتوبة والاستغفار والاستسلام لأمر الله الواحد القهار : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَالنور 31.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله .. الحمد لله الذي باسمه تُبتدأ الصالحات وبحمده تُختتم ، والحمد لله العفوُّ الكريم الأكرم ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه ومصطفاه من سائر الأمم ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن اقتفى أثرهم والتزم .
أما بعد ..
أيها المسلمون : أيام شهركم كسفائنٍ أبحرت واحتواها الأفق وغيبها الغسق وما ظل إلا مركبٌ أو مركبان يجافيها الساحل وتستدنيها الأمواج وهي موشكةٌ أن يبتلعها اليم ، فمن استدرك نفسه في هذين المركبين فإن الرحلة لم تفت .. ومن تأخر عنها فقد حرمته همته وأضاعته غفلته ..
وما ثمة في شهركم إلا وريقاتٌ وركعاتٌ معدودات وسجدات ومواطن قليلة تتحرى فيها الدعوات ، ثم إلى الله المورد وعند عتبات بابه الموعد ، والله أعلم هل نلتقي في القادم أو لا نلتقي .
أيها الصائمون : إن من سنن الهدى ومعالم البر والإحسان في ختام هذا الشهر الكريم ما شرعه الله – تعالى – على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – من إخراج زكاة الفطر ؛ فهي طهرةٌ للصائم وطعمةٌ للمساكين ووجهٌ مشرق في محاسن هذا الإسلام العظيم .. حيث العيد للغني والفقير والواجد والمعدم ، وحتى يكون العيدَ فلابد أن يفرح الجميع ..ص
وصدقة الفطر واجبةٌ بالإجماع كما حكاه ابن المنذر والبيهقي وغيرهما .
وفي حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – : " أن النبي – صلى الله عليه وسلم – فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعًا من شعير على كل حرٍّ أو عبدٍ - ذكرٍ أو أنثى - من المسلمين " رواه البخاري ومسلم ..
أما الجنين فلا يجب الإخراج عنه .. لكن يستحب ذلك لفعل الخليفة الراشد عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ..
والمنصوص عليه في الأحاديث الصحيحة هو التمر والبُرُّ والشعير والأقظ والزبيب ، ويجزئ أن يخرج من غالب قوت البلد .. كالأرز ونحوه من الطعام .
ووقت إخراج زكاة الفطر وأفضله يوم العيد قبل الصلاة ، ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد ؛ فأخرجوها - رحمكم الله – طيبة بها نفوسكم ، ثم ابتهجوا بعيدكم واشكروا الله – تعالى – على التمام ، واسألوه القبول وحسن الختام ..
وإن من سنن الهدى التي شرعها الله – عز وجل – وسنها رسوله – صلى الله عليه وسلم – : التكبير ليلة العيد وصبيحة العيد ..
قال الله - تعالى - في آيات الصيام : وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَالبقرة185
وصفته أن يقول المسلم : ( الله أكبر . الله أكبر . لا إله إلا الله . الله أكبر . الله أكبر ولله الحمد ) أو نحو ذلك .. كأن يقول : ( الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ) .
ويسن جهر الرجال به في البيوت والمساجد والطرقات والأسواق ..
ومن السنة أن يأكل المسلم تمرات قبل الخروج إلى صلاة العيد ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك يقطعها على وتر ، كما في صحيح البخاري .
وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأمر بإخراج الجميع إلى صلاة العيد حتى العواتق والحيض وذوات الخدور . رواه مسلم .
ألا فاهنأوا أيها المسلمون بصومكم وافرحوا بعيدكم ، واشكروا ربكم واستقيموا وأبشروا . تقبل الله منا ومنكم ، وأعاد رمضان علينا وعليكم في أحسن حال .
ثم صلوا وسلموا على الهادي البشير والسراج المنير عبد الله ورسوله محمد ، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين ، لتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ،اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ، وانصر عبادك المؤمنين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ..
اللهم آمنا في أوطاننا . اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لهداك واجعل عملهم في رضاك ، واجعلهم رحمةً على عبادك المؤمنين .
اللهم وفق ولي أمرنا – خادم الحرمين الشريفين – لما تحب وترضى ، وخذ به للبر والتقوى ، اللهم هيئ له البطانة الصالحة واصرف عنه بطانة السوء ، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يارب العالمين ، اللهم كن له على الحق معيناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً ..
اللهم وفقه وولي عهده ونائبه الثاني وإخوانهم وأعوانهم لما فيه صلاح العباد والبلاد ، اللهم جازهم بالخيرات على ما يبذلون لخدمة الحرمين الشريفين والزوار والمعتمرين .
اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا وقادتنا بسوءٍ فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره ..
اللهم عليك بمن أرادنا بفتنةٍ أو فُرقة .. اللهم عليك بمن أرادنا بفتنةٍ أو فُرقة ، اللهم إنا ندرأ بك في نحره ونعوذ بك من شره .
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُآل عمران8 .
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك . اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن .. عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام .
اللهم أصلح أحوال المسلمين . اللهم أصلح أحوال المسلمين ..
اللهم أصلح أحوال المسلمين في فلسطين وفي كل مكان يارب العالمين ، اللهم اجمعهم على الكتاب والسنة وانصرهم على عدوك وعدوهم ..
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ..
اللهم أنقِذ المسجد الأقصى من براثن الغاصبين وعدوان المعتدين ، واجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين .
اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ..
اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ، ونفث كرب المكروبين ، وفك أسر المأسورين ، واقض الدين عن المدينين ، واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين .
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِالبقرة201
اللهم أعد علينا رمضان أعواماً عديدة وأزمنةً مديدة ..
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك ومن النار ..
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ويسر أمورنا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا ..
اللهم اختم لنا بخير واجعل عواقبنا إلى خير ..
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا ، اللهم ما سألناك في هذا الشهر الكريم من مسألةٍ صالحةٍ فاجعل أوفر الحظ والنصيب منها لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم وأزواجنا وذرياتنا ، ومن له حق علينا ومن أوصانا بالدعاء ولمن أحبنا فيك وأحببناه لك ياسميع الدعاء .
اللهم صلِّ على محمد .
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم . سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
خطبة الجمعة من المسجد النبوي
28-9-1430 هـ
القاها فضيله الشيخ صلاح بن محمد البدير
عنوانها زكاة الفطر وصلاة العيد
الخطبة الأولى :
الحمد لله الرحيم الرحمن العظيم المنان ، العلي القوي السلطان ، أحمده وما أقضي بالحمد حقا ، وأشكره ولم يزل للشكر مستحقا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، المالك للرقاب رِقا ، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله .. أشرف الخلائق خَلقاً وخُلُقا ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين حازوا الفضائل سبقا وسلم تسليماً يدوم ويبقى .
أما بعد .. فيا أيها المسلمون اتقوا الله ؛ فإن تقواه أفضل مكتسب وطاعته أعلى نسب يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَآل عمران 102 .
أيها المسلمون .. هذا رمضان قد دنا رحيله ، وأزف تحويله ؛ فهنيئاً لمن زكت فيه نفسه ، ورق فيه قلبه ، وتهذبت فيه أخلاقه ، وعظُمت للخير فيه رغبته ، هنيئاً لمن كان رمضان عنوان توبته ، وساعة إيابه وعودته ولحظة رجوعه واستقامته ، هنيئاً لمن غُفرت فيه زلته ، وأُقيلت فيه عثرته ، ومُحيت فيه خطيئته ، وعفا عنه العفوُّ الكريم ، وصفح عنه الغفور الرحيم ، هنيئاً لمن حقق جائزته ونال غنيمته ، فأُعتقت رقبته ، وفُكَّ أسره ، وفاز بالجنة وزُحزح عن النار .. جعلنا الله وإياكم منهم ، ويا ضيعة من قطعه غافلاً ساهيا ، وطواه عاصياً لاهيا ، وبدده متكاسلاً متثاقلاً متشاغلاً .
يا من ألهته نفسه وأغواه شيطانه وأغواه قرناؤه ، هذا شهر رمضانَ قد قارب الزوال ، وأذن بساعة الانتقال ؛ فاستدرك ما بقي منه قبل تمامه ، وتيقظ بالإنابة قبل ختامه ، وبادر بالتوبة قبل انصرامه ، فكم متأهبٍ لفطره صار مرتهناً في قبره ، وكم من أعد طياب لعيده جُعل في تلحيده ، وكم من خاط ثياباً لتزينه صارت لتكفينه ..كم من لا يصوم بعده سواه ، يا من قمتم وصمتم بُشراكم رحمةٌ ورضوان ، وعتقٌ وغفران ؛ فربكم رحيم كريم ، جوادٌ عظيم لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، فأحسنوا به الظن واحمدوه على بلوغ الختام ، وسلوه قبول الصيام والقيام .
راقبوه بأداء حقوقه واستقيموا على عبادته ، واستمروا على طاعته فشهركم قد ودع وحان الفراق ، فيا شهر البركة ..
يا شهر البركة غيرَ مودَّعٍ سنودعك وغير مقليٍّ سنفارقك
ولا ندري أتعود علينا ؟ أم تخترمنا المنونُ فلا تعود علينا ؟
سلام عليك يا شهر الصيام والقيام . سلام عليك يا شهر الصيام والقيام . سلام عليك يا شهر التلاوة والقرآن . سلام عليك يا شهر البركة والإحسان . سلام عليك يا شهر التجاوز والغفران . سلام عليك يا شهر التحف والغفران
تفيض عيوني بالدموع السواكب ومالي لا أبكي على خير ذاهبِ
على أشرف الأوقات لمَّا غبنتها بأسواق غبن بين لاهٍ ولاعبِ
على أنفَس الساعات لمَّا أضعتها وقضيتها في غفلة ومعاطفي
على صرفي الأيام في غير طائنا ولا نافع من فعل فضل وواجبِ
إليه مآبي وهو حسبي وملجئي ولي أمل في عطفه غير خائبِ
وأسأله التوفيق فيما بقي لِمَا يحب ويرضى فهو أسمى المطالبِ
وأن يتغشانا بعفوٍ ورحمة وفضل وإحسان وسترِ المعائبِ
أيها المسلمون .. ومن لطيف حكمة الله - عز وجل - وتمام رحمته وكمال علمه ، وجميل عفوه وإحسانه أن شرع زكاة الفطر عند تمام عدة الصيام ؛ طُهرةً للصائم من الرفث واللغو والمأثم ، وجبراً لما نقص من صومه ، وطُعمة للمساكين ، ومواساةً للفقراء ، ومعونة لذوي الحاجات ، وشكراً لله على بلوغ نهاية الشهر الكريم .. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفطر ؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين .. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " ، أخرجه أبو داود وابن ماجه .
وتلزم الإنسانَ عن نفسه وعلى كل من تجب عليه نفقته ، ومقدارها عن كل شخص صاعٌ من بُر أو شعير ، أو تمر أو زبيب ، أو أقط أو مما يقتاته الناس ، كالأرز والبقل والذرة ، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال :" فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعاً من شعير على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر أن تُؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " متفق عليه ، وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : " كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو صاعاً من زبيب ، أو صاعاً من أَقِط " متفق عليه .
ومن أراد صاعاً وافيا وكيلاً ضافياً فليجعله ثلاثة كيلو ، ويستحب إخراجها عن الجنين وهو الحمل لفعل عثمان - رضي الله عنه - ولا يجب ، ومن أخرجها نقوداً أو قيمة أو كسوة لم تجزئه في أصح قولي العلماء ؛ لعدوله عن المنصوص عليه في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ويبدأ وقتها من غروب شمس آخر يوم من رمضان ، وينتهي بصلاة العيد ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين ، والأفضل أن تخرج يوم العيد قبل أن يخرج لصلاة العيد - إن أمكنه ذلك - ومن أخرها عن وقتها عامدا أثم وعليه التوبة وإخراجها فورا ، وإن كان ناسياً فلا إثم عليه ويخرجها متى ذكر ، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها ، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة ، ولا تُدفع لكافر ، ولا حرج في إعطاء الفقير الواحد فطرتين أو أكثر ، وليس لزكاة الفطر أداء معين ولا ذكر معين يُقال عليها ، ومن لم يكن لديه صاعٌ يوم العيد وليلته زائدٌ عن قوته وقوت عياله وضروراته وحاجاته الأصلية لم تجب عليه زكاة
الفطر ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - :" لا صدقةَ إلا عن ظهر غنى" متفق عليه .
وإذا أخذ الفقير زكاة الفطر من غيره وفضل عنده منها صاعٌ وجب عليه إخراجه عن نفسه ، فإن فضل عنده منها عدو آصوع أخرجها عمن يومن وقدم الأقرب فالأقرب ، فطيبوا بها نفساً وأخرجوها كاملة غير منقوصة ، واختاروا أطيبها وأنفسها وأنفعها للفقراء .
أيها المسلمون .. ويشرع التكبير ليلة عيد الفطر وصباح يومها إلى انتهاء خطبة العيد ؛ تعظيماً لله - سبحانه وتعالى - وشكراً له على هدايته وتوفيقه .. قال تعالى .. وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَالبقرة 185 .. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - :" حقٌّ على المسلمين إذا رأو هلال شوال أن يكبروا " ، فاجهروا بالتكبير من غروب شمس ليلة العيد إلى صلاة العيد في مساجدكم وأسواقكم ، ومنازلكم وطرقكم ، مسافرين كنتم أو مقيمين ، وأظهروا هذه الشعيرة العظيمة ولتكبر النساء سرا ، وليُقصر أهل الغفلة عن آلات الطرب والموسيقى ، والأغاني المحرمة الماجنة ، ولا يُكدِّروا هذه الأوقات الشريفة بمزامر الشياطين وكلام الفاسقين .. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ..وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد .. فيا أيها المسلمون اتقوا الله حق تقواه ، وراقبوه وأطيعوه ولا تعصوه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَالتوبة 119 .
أيها المسلمون .. صلاة العيد من أعلام الدين الظاهرة وشعائره العظيمة ، فاخرجوا إليها متطيبين متزينين متجملين لا بسين أحسن ثيابكم ، حتى المعتَكِف يخرج إلى صلاة العيد في أحسن ثيابه .
وليس من السنة خروجُه في ثياب اعتكافه ، ويخرج النساء إلى صلى العيد حتى الحُيَّض يشهدن بركة ذلك اليوم وطهرته ، والخير ودعوة المسلمين ، ويخرجن متسترات محتشمات غير متطيبات ولا متبرجات ، ولا يلبسن ثوب فتنة ولا زينة .. قال رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - :" لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله ، وليَخرُجن تَفِلاتٍ " .. يعني غير متطيبات ، أخرجه أبو داود .
ويسن لمن فاتته صلاة العيد أو بعضها قضاؤها على صفتها ، ويسن الأكل يوم الفطر قبل الخروج إلى صلاة العيد ؛ فعن أنس - رضي الله عنه - قال :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترا " أخرجه البخاري .
ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه ، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه ، وأيَّه بكم أيها المؤمنون من جنه وأنسه ، فقال قولا كريما : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماًالأحزاب 56 .. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمدٍ ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة أصحاب السنة المتبعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بفضلك وكرمك ، وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين .
اللهم وفق إمامنا ووليَّ أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، وأصلح بطانته يا رب العالمين . اللهم وفق ولي عهده ونائبه الثاني وإخوانهم لما تحب وترضى ، واحفظهم أجمعين ، ومتعهم بالصحة والعافية يا رب العالمين ، واجعلهم أنصاراً لدينك يا أرحم الراحمين . اللهم وفق جميع ولاة المسلمين في تحكيم شرعك واتباع سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - .
اللهم طهر المسجد الأقصى من رجس اليهود . اللهم طهر المسجد الأقصى من رجس اليهود . اللهم عليك باليهود الغاصبين والصهاينة الغادرين . اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك .
اللهم اختم لنا شهر رمضان بغفرانك . اللهم اختم لنا شهر رمضان بغفرانك والعتق من نيرانك ، وعُمَّنا بألطافك وإحسانك ، واجعل شهرنا شاهداً لنا بأداء فضلك ، ولا تخزنا بقبائح أعمالنا يوم عرضك يا رب العالمين . اللهم إنا قد تولينا صيام شهرنا وقيامه على تقصير ، وأدينا فيه من حقك قليلاً من كثير ، وقد أنخنا ببابك سائلين ولمعروفك طالبين .. اللهم تقبل ما قدمنا من الصيام والقيام ، واغفر لنا ما اقترفنا فيه من الآثام .
اللهم إن كان في سابق علمك أن تجمعنا في مثله فبارك لنا فيه ، وإن قضيت بقطع آجالنا وما يحول بيننا وبينه فأحسن الخلافة على باقينا ، وأوسع الرحمة على ماضينا وعمنا جميعاً برحمتك وغفرانك ، واجعل الموعد بحبوح جنتك ورضوانك . اللهم ما قسمت في آخر هذا الشهر الكريم من عتق وغفران ، ورحمة ورضوان ، وعفو وامتنان ، وكرم وإحسان فاجعل لنا منه أوفرَ الحظ وأفضل الأقسام برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم أعد علينا شهر رمضان أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ونحن في صحة وعافية وحياة سعيدة يا أرحم الراحمين . اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا . اللهم اجعل رزقنا رغدا ، ولا تُشمت بنا أحدا ، ولا تجعل لكافر علينا يدا .
اللهم في هذه الساعة المباركة لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ، ولا هماً إلا فرجته ، ولا كرباً إلا كشفته ، ولا مبتلىً إلا عافيته ، ولا مريضاً إلا شفيته ، ولا حقاً إلا استخلصته ، ولا عاصياً إلا هديته ، ولا أسيراً إلا فككته ، ولا حاسداً إلا خيبته ، ولا عدواً إلا خذلته ، ولا متربصاً لنا بالشر والحقد إلا عنا قد صرفته ، وعن طريقنا أبعدته برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا ، وقرابتنا ومشايخنا وعلمائنا يا أرحم الراحمين ..
عباد الله .. إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَالنحل – 90 .. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون .
للاستماع
</I>