شعرت خلال الفترة الماضية ومن خلال اطلاعي علي المقالات التي تتعرض للإسلام عرضا او نقداً بغياب المفاهيم الصحيحة والمعاني الحقيقية لهذا الدين العظيم.. ولاحظت ايضاً تطاولاً وجرأة من بعض الكتاب او ممن يسمون انفسهم «نخبة المفكرين».ة
علي الثوابت والاصول العظيمة مع قلة بضاعتهم، بل ورداءتها في كثير من الأحيان.. والذي يستعرض الصفحات والمقالات الدينية - وما اقلها في بلاد الازهر - يجد هذه المصيبة قد عمت حتي تعرض بعضهم بالنقد والتجريح للصحابة الكرام، وهم خير الناس اجمعين بعد الرسل والانبياء بشهادة رب العالمين قبل شهادة البشر اجمعين. مما يعرض نفسه لمصيبة كبيرة يوم القيامة.ة
وقد دفعني هذا وغيره لعرض بعض المفاهيم والمعاني الرائعة والحكم البالغة لدين الله تبارك وتعالي علي شكل سلسلة من المقالات أبدأها اليوم بعون الله تعالي عن معني العبودية والانقياد السليم لله عز وجل.ة
فقد اقسم الله تبارك وتعالي في سورة الشمس وضحاها - بشئ يلفت النظر فقال سبحانه وتعالي (ونفس وما سواها) وقال في موقع آخر من القرآن ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) الاية فما معني تزكية النفس وصلاحها؟!ة
إن الله تعالي قد أنعم علي الانسان بنعم لا تعد ولا تحصي ومن اعظم هذه النعم النفس والمال - فهما أمانتان عند الانسان سيسأل عنهما يوم القيامة - وكما قال المصطفي «صلى الله عليه وسلم» «لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتي يُسأل عن اربع عن عمره فيما افناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه وعن علمه فيما فعل به».ة
فلحظات عمر الانسان وكذلك امواله كثيرة كانت او قليلة هما من أكبر النعم علية فصلاح الانسان وتزكيته لنفسه هو استعمال النفس والمال وإنفاقهما فيما يرضي ربنا سبحانه وعلي طريق رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) وأن يحفظهما مما يغضب الله عز وجل او يخالف النبي «صلى الله عليه وسلم» ولهذا قال العلماء الجنة خطوتان.. خطوة علي النفس والاخري في الجنة.. وذلك تحقيقا لقوله سبحانه: (و أما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى).ة
ومن رحمة الله تعالي وعنايته ورعايته لنا أمرنا بأوامر مقصودها هو مساعدة العبد علي ترويض نفسه الامارة بالسوء والباطل ومعالجة امراض الفجور كاستعداد الكبر والتسلط والبغي والعدوان التي ظهرت بشكل واضح عند ذلك المجنون فرعون الذي تطاول وقال أنا ربكم الاعلي وهل هناك رب يأكل ويشرب ثم يتبول ويتفوط ويحيا ويموت - ولكن الكبر الذي يعمي الابصار والقلوب (فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) فأوامر الله تعالي للبشر مقصودها مخالفة النفس البشرية الامارة بالسوء.ة
فلا يكون العبد عبداً حقيقياً لله الالكمال الذل لله والمحبة له.. ولهذا يعينه الله علي ذلك بالاعمال التي تساعده علي ترويض نفسه وإذلالها لله وكذلك يمده بالنعم الكثيرة التي تساعده علي نجاحه وفلاحه في الدنيا والاخرة ليسهل عليه محبة خالقة الكريم.ة
فانظر - أخي - للصلاة مثلا فإن لله فيها اوامر علي القلب مثل النية الخالصة والخشوع والتوجه للاخرة.. وله ايضا اوامر علي الجوارح بالقيام والركوع.. والسجود والسكون والخضوع فالمقصود من الصلاة هو خضوع النفس امام الله في وقت وحين - فتعلم العبد فيها ان يستعمل جميع جوارحه حسب أوامر الله - فيتعلم ماذا ينوي قبل كل عمل لان الاعمال بالنيات ويتعلم ماذا ينوي قبل كل عمل لان الاعمال بالنيات ويتعلم متي يتحرك ومتي يسكن.. متي يركع ومتي يسجد ويخضع - وهذا وقت التسبيح وهذا وقت التكبير.ة
وهكذا ينفذ المصلي داخل الصلاة أوامر الله علي نفسه فعليه ايضا ان يمرن نفسه علي تنفيذ اوامر الله في شتي شئون حياته خارج الصلاة.ة
فليس المقصود سجود الجوارح او سجود الرأس وإنما المقصود سجود القلب بالخنوع والخشوع والطاعة والانقياد لرب العالمين معلنا أنه عبدالله في كل حال.ة
في حال الرخاء والسرور وكأنه في حال القيام في الصلاةة
، او في حال ضيق او عسر او شدة بسيطة (كأنه في حال الركوع) او في حال المرض الشديد اوالعسرة الشديدة (مثل حال السجود) فأنا عبدالله في حال الرخاء والشدة والعسر واليسر والمنشط والكره.ة
والذي لم يستطع ان يصل لهذا المعني فهو قد ادي الصلاة ولعلمه قد سقط عنه الغرض بادائه ولكنه لم يتصف بمزاج الصلاة وهو العبودية لله في كل حال.ة
تحقيقا لقول سبحانه «وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون». نسأل الله ان يرزقنا واياكم معني العبودية والتسليم لله.ة